هل تعيش “صيرفة” الى الأبد؟
أطلق مصرف لبنان منصة “صيرفة” بهدف الحدّ من انهيار سعر صرف اللّيرة اللّبنانية وتأمين الدولارات للتجّار وللمستوردين وللشركات والأفراد، في محاولة لوقف المضاربات في السوق الموازية، وذلك تبعاً لتعاميم وشروط محدّدة. وفي الفترة الأخيرة كثُرت التعاميم حول المنصة وأوقفت للأفراد وللشركات، وبقيت سارية المفعول لموظفي القطاع العام، وسط التخبّط والفوضى في السوق…
فما مستقبل منصة صيرفة؟
يُجيب الخبير الاقتصادي والمصرفي نسيب غبريل “أن مصرف لبنان أنشأ المنصة بالأصل ليكون هناك شفافية في العرض والطلب على الدولار وليتمّ من خلالها العرض والطلب، والهدف على المدى الأطول أن يتحوّل الطلب من السوق الموازية الى المنصة، وبالتالي لتصبح المرجع لسعر صرف الدولار في الاقتصاد بعد تطبيق الاصلاحات مع توحيد أسعار الصرف وتحرير السعر الرسمي. لكن متى ستُطبّق هذه الأهداف لا نعرف، والاصلاحات كلها متوقفة”، مضيفاً: “ليس علينا السؤال عمّا يفعله مصرف لبنان بل أيضاَ علينا التساؤل أين السلطة التشريعية والتنفيذية والقطاع العام”. ويُشدّد على “أننا في حالة جمود وفراغ وشغور، ولا يقدر مصرف لبنان أن يعمل وحيداً، كما لا نستطيع تحميله العبء منفرداً”.
ويشير غبريل، في حديث لموقع mtv، الى أن “المضاربين وتجّار الأزمات ومستغلي الحقبات السياسية والطلب عبر الحدود هي عوامل تتحكم بالدولار في السوق الموازية”، رافضاً إعطاء توقعات أو رقم لسعر صرف الدولار في السوق السوداء لا ارتفاعاً ولا انخفاضاً “لأنها تخدُم المضاربين والتجّار، وكلّها تدخل في إطار التكهنات والتنجيم والضجيج الاعلامي غير المبني على أسس علمية أو اقتصادية”، على حدّ قوله.
ويتابع: “إنّ الأفراد يتقدّمون بطلبات على منصة صيرفة يومياً وهناك بيان يومي يصدر عن مصرف لبنان يوضح حجم التداولات ولا أرقام دقيقة لنسبة الاقبال على المنصة حالياً”.
وعن إمكانية إرتفاع سعر منصة صيرفة يلفت الى “أن لا جواب واضحاً ولم نعرف سبب وصوله الى 70 ألف ليرة أو أقل أو أكثر، علماً أن مصرف لبنان يقول إن حجم التداول هو الذي يقرّر ولكن هو يتبع سعر صرف الدولار في السوق الموازية. وإذا هبط الدولار أو ارتفع في السوق الموازية الاصطناعية فالمؤكد أن سعر صيرفة سيتغيّر”.
ويضيف: “إن أحد أهداف مصرف لبنان من هذه الإجراءات هو تقليص الهامش بين سعر صرف الدولار على منصة صيرفة والسعر في السوق الموازية لتحويل الطلب الى المنصة. والسوق الموازية ليست شفافةً ولا شرعيةً ولا تخضع للرقابة، وبالتالي لا شفافية وتتحكم فيها عناصر عدّة من بينها المضاربة وتجّار الأزمات والمستغلون للمحطات السياسية والطلب عبر الحدود. وهناك جهات ليس من مصلحتها أن يتراجع سعر صرف الدولار”.
ويغمز الى أنه “علينا النظر الى مناخ عمل مصرف لبنان والجو السياسي المحيط به، اذ يُعتبر المؤسسة المدنية والرسمية الوحيدة التي تقدر أن تأخذ قرارات”. ويقول “ان المناخ التشغيلي في البلد غير مؤاتٍ للإصلاح وهناك شلل مؤسساتي واضرابات وقطاع عام مشلول ومؤسسات دستورية لا تعمل بالشكل الصحيح والحكومة في وضع تصريف أعمال ومجلس النواب لا يلتزم بالمهل الدستورية”.
ويجزم في الختام “إننا بحاجة لإصلاحات بنيوية ونقدية في المالية العامة”، مُتسائلاً: “أين نحن من هذه الإصلاحات؟، والاتفاق مع صندوق النقد الدولي لم يطبّق منه إلا القليل خلال فترة سنة تقريباً”.