هل تنجح أميركا في منع الردّ؟

إستعراض القوة العسكرية البحرية والجوية الأميركية وحلفائها ليس سابقة فقد حشدت قوة وإن أقل حجماً في العام ٢٠١٣ بقرار من الرئيس الديمقراطي الإميركي باراك أوباما للضغط على النظام السوري بعد استخدام سلاح غاز الأعصاب على الغوطة الشرقية قرب دمشق، ولم تنفّذ أميركا والغرب التهديدات بضرب سوريا بصواريخ التوماهوك بعدما أذعن بشار الأسد وتخلّى عن الأسلحة الكيميائية…

الحشد اليوم أكبر، والظرف أخطر، وقضية أمن إسرائيل أهم، والمهم توازياً هو عدم الإنزلاق إلى حرب لا تريدها أميركا بقدر رفضها المس بأمن إسرائيل، وإيران من جهتها يبدو أنها وافقت على مبدأ عدم الردّ ولكنها ما زالت تفاوض مع الغرب على الثمن…

المنطقة في هذه المرحلة حالياً، وانتظار “ح ز ب” الله يمكن وضعه في هذا الإطار أيضاً لدمج عدم ردّه ضمن الثمن، والتسريبات حول تواريخ الردّ وحجمه ليست بعيدة عن المفاوضات التي تجري في الكواليس حيث من المفترض أن تنتهي هذه المرحلة قبل الموعد الذي حددته أميركا، مصر وقطر لاستئناف مباحثات وقف النار في غزة ويمكن أن يكون المؤشر على المفاوضات مع إيران سلباً أم إيجاباً من خلال قرار حركة “ح م ا س” بالموافقة أو رفض المشاركة في اجتماعات بحث الهدنة في القاهرة أو الدوحة يوم الخميس القادم…

هذه البانوراما تشمل مواقف الولايات المتحدة وحلفائها من جهة وإيران وأذرعها من جهة ثانية مع نأي روسيا بنفسها عن إرسال قطع بحرية إلى المنطقة كما فعلت ردّاً على الإنتشار العسكري كما في العام ٢٠١٣ قبالة سوريا، ربما بسبب التهديد الأوكراني المستجد لأراضيها مع حرصها على تزويد إيران برادارات ووسائل دفاع جوي. يبقى الإشارة إلى الموقف الإسرائيلي حيث يتعرّض نتنياهو لضغوط الإدارة الأميركية برئاسة بايدن المتحرر من ضغط انتخابه لولاية ثانية مع تحييد نائبته المرشحة كامالا هاريس المنصرفة إلى حملاتها الإنتخابية…

الضغط الأميركي على نتنياهو يشكّل آخر محاولة للجم اندفاعه نحو الحرب وتوريط الغرب إن لم يكن هجومياً فدفاعاً عن إسرائيل، ويترافق الضغط الخارجي مع ضغط داخلي يقوده وزير الدفاع في حكومة نتنياهو يواف غالانت الذي انشق عن حزب “كلنا” وانضمّ إلى الليكود في العام ٢٠١٩ وقد برز الخلاف إلى العلن بانتقاد غالانت لنتنياهو وردّ هذا الأخير عليه. نتنياهو الذي يريد الحرب لتسجيل انتصار يرفعه إلى مرتبة القادة الإسرائيليين الكبار تمكّن حتى اليوم من الإفلات من الضغوط ومن العقاب واستطاع تحسين صورته في الشارع الإسرائيلي، فهل سينجح اليوم كما في الأمس في أخذ المنطقة إلى حيث يريد؟

تبقى الإشارة إلى إلقاء القبض على ساعي البريد الفلسطيني الذي زوّد إسرائيل بمعلومات حول البنية العسكرية في غزة وحول تحركات القادة الفلسطينيين أدّت إحداها إلى اغتيال محمد الضيف فهذا كشف سر الإغتيالات وأسقط نظريات التفوق الإلكتروني في ملاحقة واستهداف القادة في فلسطين وجنوب لبنان والضاحية وحصر الإختراق بالعامل البشري التقليدي، وهنا تعود مسألة قصف إسرائيل لمدرسة “التابعين” التي قد تكون نتيجة معلومة خاطئة مقصودة وصلتها من العميل الفلسطيني وأدّت إلى انكشافه، وهنا يطرح السؤال نفسه عن المسؤول عن مقتل المدنيين.

زر الذهاب إلى الأعلى