هل دقّت ساعة “رحيل” النازحين؟
كأن حملة المطالبة بترحيل النازحين السوريين أو أقله المقيمين بصفة نازح غير شرعي التي انطلقت على خلفية مقتل منسق القوات اللبنانية في جبيل باسكال سليمان على يد عصابة سرقة سيارات من الجنسية السورية لم تهز السوريين الذين دخلوا لبنان خلسة عبر المعابر غير الشرعية، إذ استفاق اللبنانيون صباح اليوم على خبر إقدام سوريين على قتل المواطن ياسر الكوكاش في بلدة العزونية قضاء عاليه بعدما قيدوه وسلبوا محتويات الشقة.
حراك المرحلة، وإن بدأ على نار حامية،عشية مؤتمر بروكسيل للنازحين الذي سينعقد في 30 نيسان الجاري، سبقه تحرك في تشرين الثاني 2023 إعتراضا على قرار البرلمان الأوروبي الداعم لبقاء النازحين السوريين في لبنان. يومها حصلت تحركات شعبية ونيابية على الأرض ووقفات إحتجاجية أمام مقر بعثة الإتحاد الأوروبي في بيروت عدا عن الجولات على مراكز القرار في أوروبا. وكما في كل “حراك” اتفق على تطبيق القوانين اللبنانية في ما يخص العمالة الأجنبية وضبط الحدود والإقامة والتشدد بها لتصنيف النازح الاقتصادي ثم ترحيله، ووضع خطة لنقل كل النازحين الى مخيمات حدودية تحضيراً لترحيلهم في وقت لاحق إلى مناطق آمنة في سوريا. فهل تكسر التحركات اليوم قاعدة التلكؤ المعتمدة في معالجة ملف النازحين السوريين في لبنان وإعادة السجناء الذين صدرت في حقهم أحكام وبات عددهم يقارب الـ40 في المئة من نسبة باقي السجناء؟
والمعلوم أن ثمة خطة وضعها وزراء العمل والشؤون الإجتماعية والرابطة المارونية ومديرية الأمن العام لإعادة النازحين السوريين إلى ديارهم إلا أنها لم تنفذ ولم ترفق بخريطة طريق وبرنامج مدروس. وكلّف رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي مستشاره الدكتور سمير ضاهر متابعة الملف مع العميد المتقاعد في الأمن العام منير عقيقي من الرابطة المارونية.
وتتضمن الخطة نقاطا عدة أبرزها تأليف “هيئة طوارئ وطنية” برئاسة رئيس الحكومة تتفرع منها لجان وزارية مركزية ومن مهامها التواصل مع مسؤولي مفوضية الامم المتحدة لشؤون اللاجئين، بهدف مساعدة الدولة اللبنانية على فرز السوريين الذين ترعاهم الوكالة الدولية، الى 3 فئات:
1- فئة السوريين المسجلين على لوائح UNHCR، الذين يمكن اعادتهم الى مناطق لم تتعرض للتدمير.
2- فئة السوريين المسجلين على لوائح UNHCR، الذين يعملون في لبنان.
3- فئة السوريين المسجلين على لوائح UNHCR الذين يرغبون بالسفر الى بلد ثالث.
استنادا الى هذا الفرز الاحصائي، يمكن وضع خطة مرحلية لايجاد حلول عملانية وادارية وقانونية للفئات الثلاث خلال 6 اشهر. لا سيما الفئة 2، كما يمكن تأمين مخيمات للفئتين 1 و3 تحت اشراف UNHCRمفوضية اللاجئين وبالتنسيق مع الدولتين ، في مناطق حدودية مشتركة بين لبنان وسوريا بالتنسيق والتعاون مع الامم المتحدة والحكومة السورية، تحضيرا لعودتهم الى سوريا.
في ما يتعلق بملف السوريين الموجودين في لبنان بصفة غير شرعية، تتولى اللجنة الوزارية برئاسة وزير الداخلية والبلديات، وأعضاء من القضاء والامن والوزارات المعنية، ومن بينهم المحافظون، تنفيذ القرارات ذات الصلة، ومن بينها قرارات وزير الداخلية. ويتم تنظيم لوائح اسمية لتبيان من لديه اقامة شرعية، أو اقامة منتهية الصلاحية، ومن لديه وثائق ومستندات او من ليس لديه مستندات.
مسألة ضبط الحدود تأتي على رأس أولويات البحث في معالجة أزمة النزوح، بعدما ثبت أن النزوح بات في غالبيته لأسباب إقتصادية وليس أمنية. وعليه تطرح الخطة تأليف لجنة وزارية مركزية برئاسة وزير الدفاع الوطني،واعضاء من القضاء والامن والوزارات المعنية، بالاضافة الى التنسيق مع رؤساء بلديات القرى والبلدات المتاخمة للحدود مع سوريا، او المخاتير حيث لا توجد بلديات، ومن مهامها: وضع خطة عسكرية ميدانية لضبط الحدود البرية، لجهة تحديد الثغرات واقفال المسالك غير الشرعية وطرق التهريب، على طول الحدود البرية، وفي المياه الاقليمية. والاستعانة بأبراج المراقبة التي شيدت وتفعيل عملها، واعادة احياء غرفة العمليات المشتركة وتأمين العديد المطلوب، والعتاد العسكري، والمعدات اللوجستية والتقنية ووسائل الاتصالات والنقل لحسن تنفيذ المهمة، وضع خطط انتشار للقوى العسكرية، وتحديد نقاط الحواجز الثابتة والظرفية، مداهمة اماكن التجمعات المشبوهة.
ملف معقد ومركب، تقول مصادر معنية بالملف لـ”المركزية” .من ناحية هناك صعوبات جدية أمام إمكانية العودة لا سيما في الشق الأمني، إذ أن عددا لا يستهان به من النازحين غير قادرين على العودة بسبب وجود ملفات أمنية بحقهم في سوريا أما الباقي فإن عودتهم إلى مناطق خاضعة للنظام تمنع عنهم المساعدات التي تتلقاها من الدول المانحة ومفوضية اللاجئين .
إلى حين إيجادها، لم يعد لبنان قادرا على الوقوف كمتفرج على تداعيات أزمة النزوح، من هنا تلفت المصادر إلى أن الخطوة العملية الأولى والأنجع يجب أن تبدأ من البلديات التي تقع عليها مسؤولية التّقيد بالتعاميم الصادرة عن وزير الداخلية وكذلك العودة إلى قانون العمل اللبناني الذي يحدد عدد العمال الأجانب في كل قطاع نسبة إلى عدد العمال اللبنانيين. وتختم المصادر بأن المسؤولية تقع أولا وآخرا على عاتق الحكومة وليس المجتمع المدني فالأخير يضع الخطط ويتقدم باقتراحات، لكن يبقى الأهم وهو وضع آلية التنفيذ وهذه مهمة الحكومة التي تتولى القيام باتصالات مع المجتمع الأوروبي وإرسال وفد إلى سوريا لإيجاد حل على مستوى رسمي . عدا ذلك يبقى في إطار الإقتراحات والحلول الإفتراضية”.