هل نرميهم في البحر بعد 15 ايار؟

عشية الانتخابات النيابية في العام 2018، وعلى هامش جلسات المجلس النيابي، جمعتني دردشة مع أحد النواب في جبل لبنان عن الانتخابات وأجوائها ونتائجها المرتقبة… وما بعدها.

كانت الأجواء مشحونة، مترافقة مع حملات على وسائل التواصل الإجتماعي من الاتهامات والفبركات الهادفة الى شدّ العصب، لدفع الناس الى هذا الاتجاه أو ذاك في صندوق الاقتراع.

وفي خضمّ الحديث، كنت مصرّاً على ضرورة التفكير في اليوم الثاني للانتخابات، في ما بعد تحديد الأحجام والخيارات من خلال عملية الاقتراع. والأهم، الحفاظ على روح التنافس الديموقراطي، وعدم قطع “شعرة معاوية” بين المتنافسين، لأن الناس يجب أن تتعاون وتتحاور وتتشاور لتحسين الوضع، لا أن تتباعد وتتقاتل على الاتهامات وتحميل المسؤوليات من دون القدرة على تأمين أرضية مشتركة للالتقاء على ما يفيد المجتمع.

اليوم، وعشية استحقاق 2022، تبدو الصورة مشابهة، والحاجة أكثر إلحاحاً، في ضوء المتغيرات التي طرأت منذ 17 تشرين الأول 2019، وما رافقها من نقمة واحتقان واتهامات، وتنامي للحقد في بعض الأحيان بين مكونات مجتمع، يفترض أن يكون محافظاً على اختلافاته وتنوّعه، من دون أن تتحوّل الى خلاف وكره.

فالانتخابات ستنتهي في 15 أيار، وفي اليوم الثاني لها، سنكون أمام مرحلة جديدة من إعادة تكوين المؤسسات، من المجلس النيابي الى الحكومة… فرئاسة الجمهورية. وبعد اقفال صناديق الاقتراع، سنستيقظ على أن مسار الإصلاح طويل، والقرارات المطلوبة غير شعبية، والأعباء ثقيلة، وأن الاقتراع لم يكن عملية سحرية ستعيد سعر الصرف الى 1500 ليرة، وصفيحة البنزين الى 30 ألفاً…

هي خطوة أولى في مسيرة ألف ميل من الألغام التي يتطلب تفكيكها عقلية رجال دولة، وأشخاصاً يقللون من الكلام ويكثرون من الأفعال…

في اليوم الثاني للانتخابات التي تبدأ الجمعة مع اقتراع المغتربين، سنجد أن اللبنانيين يتنوّعون بين مروحة واسعة من الأحزاب والقوى والتيارات، وبين المعتكفين عن التصويت، وبين المصوتين لما يعتبرونه خياراً جديداً متمثلاً بالمجتمعات المدنية على اختلافها. فماذا سنفعل عندها؟

في 16 أيار، “بتروح السكرة وبتجي الفكرة”… وبما أن اللبنانيين غير قادرين على رمي بعضهم البعض في البحر، فلتهدأ النفوس، ويعبّر كل واحد عن خياره في صندوق الاقتراع… لأن عملاً كثيراً مطلوباً بعد الانتخابات… عسى أن يكون المنتخبون “كتافاتن عريضة” وقادرة على التحمّل.

زر الذهاب إلى الأعلى