إنفجار الأزمات دفعة واحدة في الشمال والدولار إلى واجهة الأحداث
«خلصت الإنتخابات… راحت السكرة وإجت الفكرة»، تسلّى الناس لأكثر من شهرين بها وبأحداثها، كان الدولار وقتها يرتفع ببطء قبل أن يهبّ هبّته الكبرى فيرتفع 5 آلاف ليرة بعد الإنتخابات بيوم واحد، إذ كتب خبير اقتصادي شمالي على «الفايسبوك»: «… وكأنها كانت مسرحية متفق عليها لتمرير الإستحقاق الإنتخابي من دون خضات شعبية، تم في خلالها تأجيل الإنهيار المدروس إلى ما بعد الإنتخابات ثم حصل مرة واحدة، وفي كل اتجاه».
في الشمال كل الأزمات حطّت دفعة واحدة. فُقد الخبز من الأفران وصار يباع في السوق السوداء، بعدما تخطّى سعر الربطة الواحدة الـ 30 ألف ليرة.
إنقطعت أدوية عديدة، وفُقدت مادة البنزين من المحطات؛ مع أن سعر الصفيحة قد لامس الـ 600 ألف ليرة لبنانية. إنقطع التيار الكهربائي لعدة أيام، وتوقّفت مولدات الإشتراك عن تزويد الناس بالكهرباء. بعض النواب ما زالوا في غمرة الفرح منشغلين، وإذا كان عدد من نواب طرابلس أبدوا نوعاً من التغيير في الصورة النمطية واجتمعوا على أداء صلاة ولو في صورة، لكنها صورة لا ولن تكفي مدينة عطشى إلى الخدمات والمشاريع، ومنطقة تعاني الحرمان منذ زمن بعيد.
أكثر هؤلاء النواب الجدد لا يدري بالفعل ما هي الخطوة التالية، ما يقومون به منذ أكثر من أسبوع؛ حركات روتينية من تقبّل التهاني والزيارات والأمور الشكلية، فيما مطالب الناس منهم في مكان آخر، فهي تطالب بمشروع إنقاذي حقيقي يعيد للبلد استقراره السياسي والإقتصادي، ويضبط تفلت سعر صرف الدولار وقد أطاح بكل شيء. حديث الدولار في الإجتماعات الحقيقية والإفتراضية الآن هو حديث الساعة، فقد تغلّب على أحاديث الإنتخابات فحلّت في مراتب متدنية، ونسي المواطن المرشّح الذي نجح، ومن الذي خسر، والمفتاح الإنتخابي الذي قبض ذاك المبلغ، من دون تقديم الأصوات الموعودة.
أزمة جديدة ظهرت إلى الواجهة لتضاف إلى حقيبة الأزمات التي يحملها اللبناني على كتفه هي أزمة الإتصالات. مارس وزير الإتصالات جوني قرم نوعاً من الخداع الذي لم ينطلِ على أحد. فرفع أسعار الإتصالات قرار متّخذ وكان قد تأجل إعلانه إلى ما بعد الإنتخابات، أي لآخر أيام حكومة ميقاتي على مبدأ «يا رايح كتّر قبايح». قبل يوم على تحوّلها حكومة تصريف أعمال، هدد وزير الإتصالات بالإستقالة إذا لم تعتمد الحكومة خطته الجديدة لقطاع الإتصالات. ما هي هذه الخطة الرائعة؟ مثلها مثل أي خطة للدولة اللبنانية، إنها زيادة التعرفة على الإتصالات من جيب المواطن. تهافت عدد كبير من المواطنين إلى محلات بيع بطاقات التشريج لشراء عدد منها على السعر الحالي قبل أن تعتمد الأسعار الجديدة المرتفعة في شهر تموز المقبل، ما تسبب بانقطاعها، فيما عمدت بعض المحلات إلى رفع أسعارها خلافاً للواقع.
على وقع كل هذه التراكمات، أنهت حكومة ميقاتي مهامها بشكل رسمي، وسعياً لتشكيل حكومة جديدة، يطالب بعض النواب بتحقيق ذلك سريعاً لأن الفراغ مكلف.