الحزب يخسر الجنوب: 92% من غير الشيعة.. ضدّه

بات يمكن القول إنّ الثنائي الشيعي يمثّل “معظم شيعة الجنوب” وليس “أهل الجنوب”.

لأنّ 92% من النواب غير الشيعة، في دوائر الجنوب الثلاث، خرجوا من دائرة التحالف مع الحزب، أو مهادنته. ومن أصل 9 نواب غير شيعة في هذه الدوائر، احتفظ الحزب بنائبين فقط، هما قاسم هاشم عن المقعد السنّيّ في مرجعيون – حاصبيا (دائرة الجنوب الثالثة)، وميشال موسى عن مقعد الروم الكاثوليك في صور – الزهراني (دائرة الجنوب الثانية).

تقول الأرقام التي حصل عليها هاشم وموسى، بالأصوات التفضيلية، إنّهما لا يمثّلان بيئتهما المذهبية المباشرة، وإنّهما نجحا بدخول ساحة النجمة بسبب “الحواصل” الفائضة التي تطوف من الأصوات الشيعية، وبسبب “تخطيط” لـ”طَيشَرة” الأصوات بهدف منع الخرق.

هاشم حصل على 1,215 صوتاً تفضيلياً فقط، أي 0.6% من مجموع المقترعين. فيما حصل النائب الياس جرادي على 3,200 صوت تفضيلي سنّيّ من “منطقة” هاشم. ومثله حصد زميله الدرزي فراس حمدان على مئات الأصوات التفضيلية السنّيّة من العرقوب.

أما موسى فحصل على 1,364 صوتاً فقط، أي 1% من مجموع المقترعين. فيما حصل منافسه هشام حايك على لائحة “معاً للتغيير”، التي لم تصل إلى الحاصل، على 3,987 صوتاً، أي 3 أضعاف رقمه.

كان واضحاً أنّ “خطّة” الثنائي الشيعي في دائرة صور الزهراني هي التي دفعت بشرى الخليل إلى أن تشكّل لائحة “الدولة الحاضنة” التي حصلت على 7,405 أصوات، واصطنعت لائحة “القرار الحرّ”، التي حصلت على 5,240 صوتاً. ولو لم يكن هناك غير لائحة واحدة كما في دائرة الجنوب الثالثة، هي “معاً للتغيير”، لكان الخرق تحقّق بالتأكيد في المقعد المسيحي لأنّ الحاصل هو 20,053 صوتاً، ومجموع أصوات اللوائح الخاسرة هو 22,076، نصفها حصدتها “معاً للتغيير”.

كيف خسر الحزب “غير الشيعة”؟

من أصل 23 مقعداً في دوائر الجنوب الثلاث، كان لـ”الثنائي الشيعي” 22 منها، والمقعد الـ23 كان للنائبة بهيّة الحريري في صيدا، غير الصداميّة مع الحزب منذ دخولها العمل السياسي إلى يومنا هذا.

من هذه المقاعد الـ23، خسر الحزب 7 (غير شيعة)، ولم يعد بين يديه إلا 16 (14 منهم شيعة)، أي أنّه فقد ثلث التمثيل الجنوبي. وفي حسبة أخرى، بات 92% من الجنوبيّين غير الشيعة، داخل مجلس النواب وفي الشارع، ضدّه.

هذه هي الخسارة الكبرى: خسارة “الغطاء” الجنوبي “المتنوّع”، الذي كان يستعمله ليقول إنّ “البيئة الوطنية” الحاضنة له في الجنوب تقف إلى جانب خياراته السياسية. هو الذي يدّعي أنّه يدافع عن لبنان، وتحديداً عن “الجنوب”. جاءت النتيجة لتقول له إنّ الجزء الأكبر من شيعة الجنوب، الذين ذهبوا إلى صناديق الاقتراع، أعطوه أصواتهم، فيما حجبتها عنه الأكثرية الساحقة من غير الشيعة.

كيف يتوزّع هؤلاء “الخارجون” الـ7؟

خسر “الثنائي الشيعي” في دوائر الجنوب مارونيَّيْن، وسنّيَّيْن، ودرزيّاً وأرثوذكسيّاً وكاثوليكيّاً، كانوا كلّهم في الحلف التابع له سياسياً. وحافظ موسى وهاشم، ضمن كتلة الرئيس نبيه برّي، وليس ضمن كتلة “الحزب” حتّى، وبأصوات شيعيّة، لا بأصوات السُنّة والكاثوليك، كما تقول الأرقام:

1- 2 في صيدا: خسر أوّلاً عاصمة الجنوب كلّها بمقعدَيْها السنّيَّين: أسامة سعد، الذي ابتعد عنه وبات “في مكان آخر” كلّيّاً، ومقعد عبد الرحمن البزري، الذي نحتاج إلى قليل من الوقت كي نعرف إذا كان سيلتحق “استراتيجيّاً” بالحزب وخياراته، أو سيبقى وفيّاً لأصوات “الثورة” التي حملته للمرّة الأولى إلى ساحة النجمة.

2- 3 في جزّين: خسر 3 نوّاب: مقعدين مارونيَّيْن، أحدهما كان من حصّة “التيار الوطني الحرّ”، زياد أسود، والآخر من كتلة الرئيس نبيه برّي، إبراهيم عازار. إلى جانب النائب العوني سليم خوري، عن المقعد الكاثوليكي.

3- 1 في حاصبيا: خسر مقعد النائب أنور الخليل الدرزي، الذي كان في كتلة الرئيس برّي، وترشّح بدلاً منه المصرفيّ مروان خير الدين، بتوافق بين الحزب وبرّي ووليد جنبلاط وطلال أرسلان، فأسقطه مرشّح “الثورة” فراس حمدان. وجاء النائب قاسم هاشم في ذيل قائمة الأصوات التفضيلية على مستوى دائرة الجنوب الثالثة كلّها.

4- 1 في مرجعيون: خسر المقعد الأرثوذكسي، الذي كان يشغله تاريخياً النائب عن الحزب القومي السوري أسعد حردان.

هذه رسالة على الحزب أن يقرأها بالمعنى الشعبي والاستراتيجي، لا أن يحاول تمييعها بالعمل الانتخابي من أجل دورة 2026 الانتخابية. فهذه رسالة تعبّر عن تحوّل كبير في المزاج الشعبي اللبناني عموماً، وفي مزاج الجنوبيين خصوصاً.

هكذا بات الحزب “معزولاً” على مستوى الجنوب اللبناني، الذي يدّعي أنّ سلاحه هو لحمايته وأهله أوّلاً من أطماع إسرائيل، قبل أن يتوسّع لتصير مهمّته حماية لبنان والنفط وحماية بشّار الأسد والهجوم على السعودية من اليمن، وحماية حلفاء إيران في العراق…

Back to top button