العاصفة تقتلع الأخضر واليابس وتُتلِف الخيم
صبّت الطبيعة غضبها على البشر والحجر مع نهاية شهر آذار، بعد أيامٍ على حلول فصل الربيع، وقد أزهر في قلوب اللبنانيين أملاً بتحسّن أوضاعهم، وبدأوا تحضير أرضهم وخيمهم البلاستيكية للزراعة، حيث يعتمد معظم أهالي البقاع الشمالي من بدنايل حتى الهرمل مروراً ببعلبك والقاع على الزراعة كموردٍ أساسي.
لم يكن ينقص البقاعيين في زمن الصوم والغلاء، والأزمات التي يرزحون تحتها وعدم قدرتهم على الخروج من النفق المظلم الذي أجبروا على دخوله، ومجاراتهم للواقع الميؤوس منه، الا ان تأتيهم رياح الطبيعة الغاضبة، وتتلف جنى أعمارهم وموارد رزقهم على امتداد المناطق البقاعية، حيث ارتفعت الأصوات والصرخات مطالبة الدولة ووزارة الزراعة والهيئة العليا للإغاثة بإجراء مسحٍ شامل، وتقدير الأضرار للتعويض على الناس ودفع التكاليف التي تكبّدوها خلال المرحلة السابقة وذهبت سدى.
أكبر من المتوقّع كانت العاصفة الأخيرة التي ضربت لبنان ولا يزال تحت تأثيرها حتى نهاية الأسبوع: رياحٌ عاتية إقتلعت الأخضر واليابس، ومعها تدنّت درجات الحرارة إلى مستويات غير معهودة، دفعت بالبقاعيين إلى البحث مجدّداً عن الحطب للتدفئة وشراء المازوت في زمن الغلاء. ففي قرى غربي بعلبك من حوش الرافقة وتمنين وسرعين، إلى حوش سنيد وسهل طاريا وحزين، مروراً بشليفا وبتدعي وإيعات وبعلبك، وليس إنتهاءً برأس بعلبك والفاكهة والقاع وعرسال والهرمل، أتلفت سرعة الرياح التي وصلت في المنطقة إلى حدود 100 كلم في الساعة الخيم البلاستيكية المخصّصة للزراعة، فتحطّم بعضها وانهارت أسقفها على المزروعات.
كذلك تعرّضت الحشائش والمزروعات للضرر الكبير وباتت غير صالحة للبيع أو لإستكمال الموسم، كون التحضيرات التي تحتاجها تلك الأصناف تبدأ من مطلع شباط، والخيم المتضرّرة لا يقلّ ثمن الواحدة منها عن ألفي دولار. إضافة إلى إقتلاع الرياح الأشجار وتساقطها أيضاً على الخيم مسبّبةً الخراب والدمار. وتضرّرت الأشجار المثمرة التي بدأت تزهر باكراً كالمشمش والكرز في عدد من البلدات، وأصاب الصقيع الزهر وخسر المزارعون الموسم باكراً، فناشدوا الوزارات المختصّة والجهات المعنية الكشف السريع على الأضرار اللاحقة بهم، لأنّ الموسم كانوا يعتمدون عليه والتكاليف التي دفعوها ذهبت أدراج الرياح.
الى ذلك، تضرّر عدد كبير من المنازل في البقاع جرّاء تساقط بعض الأشجار في الحدائق وعلى الخزّانات البلاستيكية، وتطاير عدد كبير من ألواح الطاقة الشمسية عن الأسطح، وتناثرت على الأرض ألواح الطاقة للآبار الإرتوازية، إضافةً إلى تضرّر عدد كبير من خيم النازحين السوريين في القاع وعرسال، حيث تساقطت فوق رؤوسهم وبات بعضهم ليلته في العراء والبعض الآخر لدى أقربائه.