الفاتيكان يدحض الروايات: لا لحلف الأقليات ونعم لدولة فعليّة في لبنان!
يسوّق “محور الممانعة” منذ فترة، معلومات مفادها ان الفاتيكان ميّال الى اعتناق فكرة احتضان الحزب والى دعم خيار التحالف معه مسيحيا والذي يعتمده التيار الوطني الحر منذ تفاهم مار مخايل عام 2006، وقد روّجت الاوساط الاعلامية والصحف التي تدور في فلك هذا المحور، معطيات تصب في هذه الخانة، بالتزامن مع زيارة رئيس الجمهورية ميشال عون الى الفاتيكان، حتى انها كانت ضخّت اجواء كهذه منذ فترة، بالتزامن مع زيارة الحبر الاعظم البابا فرنسيس لقبرص وزيارة المطران بول ريشار غالاغير، امين سر الكرسي الرسولي لشؤون العلاقات الخارجيّة، بيروت في شباط الماضي.
وتروّج هذه الاقلام ايضا لطرح اقتناع الفاتيكان بخيار حلف الاقليات في المنطقة، بحيث ينصهر المسيحيون في دول الشرق الاوسط مع المكونات “الاقلوية” الاخرى من علويين وشيعة (في بعض الدول)، لحماية أنفسهم من المدّ السنّي المقابل.
الا ان لقاءات رئيس الجمهورية في الكرسي الرسولي، أثبتت زيف هذه “الروايات” كلّها، وفق ما تقول مصادر دبلوماسية لـ”المركزية”. فالفاتيكان على لسان مسؤوليه أكّد تمسّكه بسيادة لبنان واستقلاله واصراره على قيام دولة فعلية كاملة الاوصاف فيه، ما يعني ضرورة حصر السلاح بيد القوى الشرعية فقط تطبيقا للدستور ولمندرجات اتفاق الطائف، مع عدم ممانعته الحوار مع الحزب لانه مكوّن لبناني، وتشديده على ان حلّ معضلة سلاحه يجب ان تحصل بالحوار، لا بالقوة.
على اي حال، هذا ما يعلنه بوضوح البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي دائما، وكلامه يعكس تماما موقفَ الفاتيكان. وقد اكد مرارا رفضه السلاح خارج الاطر الشرعية، حتى انه أنه قال منذ اشهر “لا يحق للمسؤولين أن يبرروا تعددية السلاح”.
اما مسألة تأييد الكرسي الرسولي لطرح حلف الاقليات، فدحضها رئيس مجمع الكنائس الشرقية في الكرسي الرسولي الكاردينال ليوناردو ساندري، الذي قال على مسامع الرئيس عون قبيل عودته إلى بيروت، إن “التنكّر للايمان يُفقد الهوية، والبحث عن الأمان عبر التحالف مع الطغاة يدمّر الهيكل ويسبي الشعب”، داعياً المسؤولين اللبنانيين إلى “القيام بفحص ضمير عميق”، مع تنبيهه الى أنّ “لبنان المنارة المرفوعة على جبل والمطلوب منها أن تشعّ في العتمة، تغدو علامة اضطراب وتعمية لسائر الاخوات والاخوة في البشرية”.
وفي موقف ساندري هذا، رفض ضمني للتحالف مع الرئيس السوري بشار الاسد، وفق المصادر، وللالتصاق بالجمهورية الاسلامية وقياداتها وأذرعها، وبالانظمة الشمولية الدكتاتورية ككل..
فهل يفهم مَن يشوّهون موقع الفاتيكان وموقفه، أم يستمرّون في تأويل رسالته وتحويرها بما يناسب مصالحهم وحساباتهم؟!