اللّبنانيون تائهون بين “توقيتين”… أيّ قرار سيُتّخذ اليوم؟
الضياع كان سيّد الموقف في اليوم الأوّل بعد قرار تأجيل بدء العمل بالتوقيت الصيفي في لبنان، إلى الأسبوع الأخير من شهر نيسان المقبل.
ولا شكّ أنّ حالة التخبّط هذه سترافق اللبنانيين حتى موعد توحيد التوقيت على مختلف الأراضي اللبنانية.
فبَيْن ملتزم بـ “ساعة ميقاتي – برّي”، وغير ملتزم، تاه المواطنون بين “توقيتين”، حتى في صفوف أفراد العائلة الواحدة، وأبناء الشارع الواحد…
“إنفصام التوقيت” عانى منه أيضاً مطار رفيق الحريري الدولي الذي اعتمد توقيتاً للمغادرين من لبنان، وآخر للوافدين اليه، بحسب ما اظهره شريط فيديو اجتاح في الساعات الماضية مواقع التواصل الإجتماعي، التي غصّت أيضاً بالنكات والسخرية من الوضع الراهن.
وعلى وقع الإرباك الحاصل، دعا رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، بعد منتصف ليل الأحد – الإثنين، مجلس الوزراء الى الانعقاد ظهر اليوم، ليناقش حصراً مذكّرة رئاسة مجلس الوزراء والبتّ فيها بشأن تأجيل بدء العمل بالتوقيت الصيفي، سواء لجهة تبنّيها أو رفضها.
وجاء في نصّ الدعوة: “بعد أن قرر السيد رئيس مجلس الوزراء الموافقة استثنائياً على تأجيل تطبيق قرار مجلس الوزراء رقم ٥ تاريخ ١٩٩٨/٨/٢٠ المتعلق بتعديل التوقيت، وعلى أن يُعرض الموضوع لاحقاً على أول جلسة لمجلس الوزراء، وفي ضوء المستجدات الأخيرة الحاصلة في البلاد وتبعاتها على الصُعد كافة، قرّر السيد رئيس مجلس الوزراء دعوة مجلس الوزراء الى جلسة تُعقد في السراي الكبير عند الساعة الثانية عشرة من ظهر الاثنين الواقع فيه ٢٠٢٣/٣/٢٧ وعلى جدول أعماله بندٌ وحيد يتعلق بموضوع التوقيت الشتوي والصيفي”.
وفي وقت متأخر من ليل الأحد، صدر بيان عن وزير التربية في حكومة تصريف الاعمال عباس الحلبي، وقال فيه إنّه بعدما تبلّغ من ميقاتي، أنه بصدد الدعوة لعقد جلسة لمجلس الوزراء، يترك للمسؤولين عن المدارس والمهنيات والجامعات الرسمية والخاصة حرية اختيار وقت فتح مدارسهم ومؤسساتهم اليوم الاثنين، على أن يتمّ العمل بالقرار الذي سيصدر عن مجلس الوزراء ابتداء من الثلثاء. علماً أن الحلبي كان اعلن في بيان سابق التزام كل المؤسسات التربوية بالتوقيت الصيفي.
بيان الحلبي المسائي، سبقه لقاء لميقاتي مع الرئيسين تمام سلام وفؤاد السنيورة اللذين تمنّيا عليه دعوة الحكومة “للاجتماع في أقرب فرصة ممكنة من اجل اتخاذ القرار المناسب في موضوع التوقيت، ومعالجة الأمور بما يراه مناسباً انطلاقاً من مداولات مجلس الوزراء”.
هذا الملف شكّل مادة دسمة لسلسلة من المواقف والانتقادات، حيث اعتبر رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع أنّ مذكرة تأجيل تقديم الساعة “غير دستورية وغير قانونية وتعتبر وكأنّها لم تكن”.
أما متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة، فعبّر في عظة الأحد عن حزنه وأسفه لما حصل بشأن التوقيت الصيفي، متسائلاً: “هل يحتاج لبنان إلى عزل نفسه أكثر والابتعاد عن العالم حتى بالتوقيت؟”.
الجدل الواسع بشأن إرجاء تقديم الساعة لشهر إضافي، لم يحجب الأضواء عن الشلل السياسي الذي تعانيه البلاد على المستويات كافة، وهو ما سلّط الضوء عليه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في عظة الأحد، حيث تحدّث عن العمى السياسيّ “الذي جعل الكتل النيابيّة ومن وراءها من النافذين يمعنون، من دون أيّ وخز ضمير، في عدم انتخاب رئيس للجمهوريّة، لكي لا تنتظم المؤسّسات الدستوريّة، وفي طليعتها المجلس النيابي الفاقد صلاحيّة التشريع والمساءلة والمحاسبة، والحكومة الفاقدة صلاحيّة عقد جلساتها لإتخاذ القرارات الإجرائيّة بموجب الدستور”.
أمّا الملف الرئاسي، فحضر في كلمة النائب جبران باسيل أمام المؤتمر الثامن للتيار الوطني الحر. وفيما اعتبر أنّه مرشح رئاسي طبيعي ومنطقي لأنه صاحب أكبر كتلة نيابية، قال: “يريدون رئيساً يفصل لبنان عن العالم كما فصلوه عن التوقيت العالمي بقرار “همايوني”، سيأتون بالرئيس الضعيف، ليكون ساقطاً حكماً بين أيديهم، ويريدون رئيساً مجرّداً من برنامج وفكر وشعب، يريدون رئيساً يعيد ساعة البلد بدلا من ان يقدّم ساعة الاصلاح فيه”.
غير أنّ عبارة “نحنا بدنا الدولة أوّلاً، والمقاومة من ضمنها حامية لها”، استدعت ردوداً عنيفة على باسيل، حيث توجّه رئيس جهاز العلاقات الخارجية في القوات اللبنانية ريشار قيومجيان، اليه بالقول: “كلّ مزايداتك حول التوقيت والسيادة واللاجئين بعيدة عن لبّ الموضوع. نحنا بدنا الدولة والجيش اللبناني وبس. ما في شي اسمو مقاومة لا ضمن الدولة ولا قبلها ولا بعدها، في سلاح ميليشيا الحزب يا إنت معو أو ضدّو، هون الخلاف معك على الأساسيات المسيحية والوطنية والكيانية وليس على السلطة”.
بدوره، ردّ النائب جورج عقيص على باسيل بالقول: “المشكلة عندك فقط مشكلة ترتيب وأولوية “مين بيجي قبل الدولة او المقاومة، ومين بيحمي مين الدولة او المقاومة”! أصدق ما قرأته لك، ولهذا نحن وأنتم خطّان لا يلتقيان. تهاجم بري وميقاتي وتهادن الحزب. مصالح شخصية ولعبة ابتزاز لا تنتهي. أما نحن فمع الدولة فقط وضد كل من اغتالها وأوّلهم أنت”.