الى متى يستمرّ إضراب المصارف؟
عادت المصارف إلى الإضراب احتجاجاً على استمرار صدور أحكام قضائية تقضي بإسترداد ودائع لبعض المواطنين ووجود خلل في بعض القرارات القضائية بحقها. وطالبت في بيان لجمعية المصارف، باتخاذ التدابير القانونية السريعة لوضع حدّ لهذا الخلل في اعتماد معايير متناقضة في إصدار أحكام تستنزف ما بقي من أموال للمودعين وليس لبعضهم على حساب آخرين.
يُشير أستاذ الاقتصاد في الجامعة اللّبنانية جاسم عجاقة الى أن اضراب المصارف الجديد ما زال مستمراً وهناك مساعٍ من قبل رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لوقفه.
وفي ما يخص جدوى الاضراب يقول عجاقة في حديث لموقع mtv: “ان المصارف وفق بيانها تشير الى أن هناك قرارات قضائية فيها ازدواجية بالتعاطي معها ومع المودعين، وبالتالي هي تُضرب عن العمل لتُعبّر عن عدم رضاها عن هذا الأمر”. وعن مصير الاضراب يلفت الى “أنه لا يُمكن أن يستمرّ الى ما لا نهاية إي يسبّب ضرراً كبيراً على المواطنين وعلى الاقتصاد اللّبناني. وبالتالي، لا مصلحة للمصارف بأن توقف عملها الى ما لا نهاية”.
ويُتابع أن “الاضراب ليس الحلّ والمصارف لديها وسائل أخرى للتعبير كالذهاب الى دعاوى ضد الدولة لتحصيل أموالها، التي هي بالنتيجة أموال المودعين”.
ويجزم أن “الحل الأساسي والجوهري يكمن في الدستور وما ينص عليه، فمن يضع السياسات العامة وينفّذها هي الحكومة. فلتتفضل بأخذ دورها على هذا الصعيد عبر اقرار مشروع قانون اعادة هيكلة المصارف وارساله الى المجلس النيابي لإقراره وانجاز القوانين اللازمة والمطلوبة من صندوق النقد الدولي، بما فيها قانون الكابيتال كونترول وخطة التعافي واستعادة التوازن المالي. الدولة هي التي اقترضت الأموال من المصارف، مع العلم أن لا قطوعات حساب لديها وذلك منذ العام 2003. وبالتالي، لا يُمكنها أن تلعب دور المُتفرّج في الصراع بين المودعين والمصارف، اذ ان أولوية المودعين وحقوقهم يضمنها الدستور”.
أما بالنسبة الى تبعات الاضراب على المواطنين فيقول “لا يقدر أي اقتصاد أن يعمل من دون القطاع المصرفي، هذا تحفيزٌ لاقتصاد الكاش، والليرة تدفع الثمن الأول وارتدادها على الناس. وسنلحظ تردياً للقدرة الشرائية للمواطنين ونقصاً في الخدمات وازدياد اقتصاد “الكاش” أو النقد، مما يمكن أن يضع لبنان على اللائحة الرمادية لـGAFI الذي يصنّف الدول من ناحية التعاون على صعيد تبادل المعلومات. ويرجّح الوصول لتبعات أبعد من ذلك بكثير”.
لذلك، يدعو عجاقة الحكومة للإسراع في إيجاد حلّ للأزمة لأن الحل يكمن في يدها وحدها، لكنّه يستطرد أنها رهينة القوى السياسية.
وعن مثول حاكم البنك المركزي رياض سلامة أمام القضاء وتأثيره على القطاع المصرفي والدولار، يلفت الى “أن الاشكالية تكمن في منصب الحاكم وماذا سيحدث لتوقيعه تجاه المصارف المُراسلة، وهل ستستمر في اعتماده أو لا؟ هذا الأمر لديه مخاطر على الشق التشغيلي وعلى سعر صرف الليرة التي ممكن أن تتضرر أكثر”.
ويغمز الى أنه كلّما سارعت القوى السياسية الى انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة وتعيين حاكم جديد كلّما تكون الأضرار أقل.
ويقول “عند انتهاء ولاية الحاكم، السؤال المطروح من هو البديل، فنائب الحاكم الأول لا يُريد استلام المنصب، وتعيين حارس قضائي على هذا الصعيد لا يستطيع ممارسة صلاحياته كحاكم من باب السياسة النقدية، وبالتالي فإن السياسة النقدية ستُصبح تابعة بشكل مباشر للسياسة المالية، أي للحكومة، عندها فإن استقلالية السياسة النقدية ستُصبح غير موجودة، خلافاً لما ينص عليه قانون النقد والتسليف”.