انتخابات غير المقيمين: لا تسونامي للقوّات وأوروبا لا “تعاقب”
لم تأت نسب الاقتراع للمغتربين في الخارج على قدر الآمال التي علّقتها عليها قوى «الثورة» و«المعارضة»، رغم كل كل حملات الاستنهاض والتجييش والشعارات التحريضية. فلا الدول العربية سجّلت التسونامي المأمول، ولا أوروبا شهدت «العقاب» الموعود لـ«المنظومة الحاكمة». التعويل الرئيسي لحزبَي القوات والاشتراكي ورئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة على أصوات الناخبين اللبنانيين في السعودية أصاب هؤلاء بنكسة كبيرة في نهاية نهار الجمعة الانتخابي. إذ لم تتخطّ نسبة الاقتراع في المملكة عتبة الـ 50%، رغم التوقعات بوصولها الى 80%، ورغم كل العوامل التي كان يفترض أن تجعل الكفّة تميل لمصلحتهم، أولها حرية الحركة التي منحت لماكينة القوات والاشتراكي بالتنسيق التام مع الأجهزة الأمنية والاستخبارات السعودية لاستقدام الناخبين، وثانيها الضغط النفسي على ناخبي اللوائح المنافسة تحت وطأة التخويف من الطرد من العمل ومن البلد ككل، وثالثها المسافة الجغرافية القريبة بحيث لا يتكبد الناخب عبء السفر مسافات طويلة لبلوغ مركز الاقتراع. كل ذلك لم يؤدّ الى تسجيل القوات إنجازاً أو رقماً يعوّل عليه، رغم أن الماكينة القواتية، وبدرجة أخف الاشتراكية، احتلّتا وحدهما كامل المساحة أمام السفارة اللبنانية بالأعلام والأناشيد… وبمخالفة انتخابية تمثّلت بخرق الصمت الانتخابي عبر بثّ نداء انتخابي لرئيس حزب القوات سمير جعجع عبر التلفون ومكبرات الصوت أمام مركز الاقتراع. الفتور الانتخابي الذي يُعزى أساساً الى مقاطعة تيار المستقبل وخشية مؤيّدي التيار الوطني الحر والحزب من الاقتراع، أدّى إلى خفض نسبة الاقتراع في السعودية من 56% عام 2018 الى 49%، رغم أن عدد الناخبين المسجلين ارتفع بنسبة كبيرة عن الدورة السابقة. وتبيّن أن نسبة الاقتراع الأكبر كانت لمصلحة دائرة بيروت الثانية. وبحسب تقرير لـ«الدولية للمعلومات»، اقترع من أصل 30,930 ناخباً في الدول العربية التسع التي بدأت الانتخابات فيها يوم الجمعة الماضي (السعودية، الكويت، قطر، البحرين، العراق، الأردن، سلطنة عمان، مصر وسوريا)، بالإضافة الى إيران، 18,237 مقترعاً أي بنسبة 58.9% مقارنة بــ 7,449 ناخباً اقترع منهم 4728 عام 2018، أي بنسبة 63.5%، ما يظهر تراجعاً في نسبة الاقتراع بلغت 4.6%.
هكذا، لم ينجح البند الأول في خطة القوات والاشتراكي باستخدام المرحلة الأولى من الانتخابات في الدول العربية لخلق «تسونامي» انتخابي لمصلحتهما يؤثر على حماسة الناخبين في المرحلة الثانية (أجريت أمس في الدول الأوروبية والإمارات العربية المتحدة وأميركا وأفريقيا). أما خارج المملكة، فقد كانت الفرص أكثر تكافؤاً في كل من قطر (تراجعت نسبة الاقتراع من 73% الى 66%) والكويت وعمان حيث سُجّل وجود لمندوبي كل الأحزاب وماكيناتها، بينما اقتصر وجود الماكينات في سوريا وإيران على فريق 8 آذار. وسجلت الدولتان نتيجة مفاجئة ببلوغ نسبة الاقتراع أكثر من 70% في طهران وأكثر من 80% في دمشق، رغم قلّة عدد الناخبين المسجلين. أما اللافت الأبرز فكان الغياب شبه التام للمجتمع المدني مقابل اكتساح الأحزاب مع وجود لافت لمندوبي «مواطنون ومواطنات في دولة»في بعض الدول العربية. وأظهرت المجموعات المعارضة ضعفاً كبيراً يعود أساساً الى عدم قدرتها على إنشاء ماكينة مركزية واحدة نتيجة تعدد لوائحها وتعدد الجناحات فيها وانقسام شبكات الاغتراب بين اللوائح، في مقابل مهمة أسهل للأحزاب باعتماد ماكينة مركزية واحدة للدوائر الخمس عشرة، ولأن المجموعات، كما تشير مصادرها، لم تكن تدري أن بإمكانها الوجود خارج مراكز الاقتراع.