بعبدا: معركة نعيم عون لتطهير التيار و”معاقبة” باسيل
معالجة أيّ سلاح خارج الدولة، واستعادة السيادة ومواجهة المنظومة الفاسدة
أسوة بباقي الدوائر، كان من الصعب تشكيل لائحة موحدة لجميع قوى المعارضة في دائرة بعبدا، في ظل تعدد المجموعات وكثرة المرشحين والطامحين. والنتيجة كانت أن تشكلت أربع لوائح للمعارضة من أصل اللوائح السبع التي تخوض المعركة الانتخابية. فإلى جانب لائحتي قوى السلطة (القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي بمواجهة لائحة الثنائي الشيعي والتيار الوطني الحر) تخوض المعارضة الاستحقاق بأربع لوائح، اثنتان منها أساسية: لائحة يرأسها القيادي في “الخط التاريخي” نعيم عون ولائحة ائتلافية لـ”الكتلة الوطنية” (ميشال حلو) والمرصد الشعبي لمكافحة الفساد (المحامي واصف الحركة) وتحالف وطني (زياد عقل) وحراك المتن الأعلى (عبير ناجي).
بعبدا تنتفض
كان فوز المعارضة موحدة بلائحة مؤكداً بمقعد وربما إثنين، في هذه الدائرة. لكن إدارة مجموعات المعارضة لترشيحاتها وللمفاوضات لفرض المرشحين، واستبعاد عون من المعادلة، أفضت إلى ذهاب الأخير إلى تشكيل لائحة أطلقها اليوم الجمعة في 8 نيسان. وتضم اللائحة إليه العميد المتقاعد خليل حلو والطبيب جان أبي يونس والقيادي العوني السابق رمزي كنح.
ولفت عون إلى أن المناسبة اليوم “ليست لإعلان لائحة “بعبدا تنتفض”، وإنّما لرسم وطن على قياس وجع مواطنيه”. مؤكداً أن اللائحة “تعتمد على الوضوح وتتركّز على عنصرَين أساسيّين هما معالجة أيّ سلاح خارج الدولة، واستعادة السيادة ومواجهة المنظومة الفاسدة”.
معركة مزدوجة
بخلاف باقي لوائح المعارضة يخوض عون معركة مزدوجة في بعبدا: معركة انتخابية للفوز بالمقاعد ضد ابن عمته النائب آلان عون، ومعركة ضد عمه “الجنرال عون”، الذي فضل رئيس التيار جبران باسيل على كل المناضلين العونيين الذين خرجوا أو أخرجوا من “التيار”.
فضل نعيم عون وأقرانه العونيين السابقين الجلوس خارج “تيار باسيل”، رغم كل موارد السلطة التي استحوذ عليها باسيل. وانتظروا غرق المركب كما كانوا يتوقعون. وها هم اليوم يخوضون معركة الانتخابات النيابية للتأسيس لما بعد الانتخابات، أي ما بعد رحيل “الجنرال”، التي ستشهد اشتداد سطوة باسيل على ما تبقى من تياره، ليطلقوا حركتهم السياسية على أنقاض “تيار باسيل”.
تيار المصلحة الخاصة
لم يترك نعيم عون ورفاقه “التيار” اللذين ناضلوا فيه بين ليلة وضحاها. اصطدموا كمناضلين بتوجهات ميشال عون، الذي وضع باسيل إلى جانبه، منذ ما بعد عودته إلى لبنان، مستقوياً بالحزب ومستعدياً كل القوى السياسية الأخرى. نصحوه بأن يتبع سياسة متوازنة مع الجميع على قاعدة الند لا الخضوع ولا الانجراف. لكنه لم ينصت إلا إلى باسيل.
كانوا يناضلون لتيار علماني لجميع اللبنانيين. تيار شفاف في العمل السياسي والحكم لا أن يتحول حزبهم إلى ماكينة انتخابية تضحّي بكل المبادئ للوصول إلى السلطة.
حذروا “الجنرال” من مغبة هذا الطريق القائم على المصلحة الخاصة التي ينتهجها باسيل مع كل القوى السياسية، والقائمة على شد العصب المسيحي حيناً، وافتعال مشاكل طائفية حيناً آخر. فتحول التيار إلى آلة حرب طائفية ومذهبية تشعل البلد لمصلحة باسيل. لكن الجنرال عون لم ينصت لهذا الصوت المعترض. بل فضل باسيل الذي كان يجاريه وكان يقضم التيار من تحت الجميع. وكان أن عيّن باسيل الطيّعين والموالين له في كل مفاصل التيار، وسيطر عليه سيطرة مطلقة. وبدأت مسيرة الطرد أو التنحي الطوعي لقدامى العونيين، الذين كان آخرهم النائب حكمت ديب في دائرة بعبدا.
لهذه الأسباب كلها معركة عون ورفاقه في بعبدا ليست انتخابية للدخول إلى المجلس النيابي، بل معركة اثبات وجود بين الجمهور العوني الطامح لمعاقبة باسيل.