بيت الأموات في كفرشيما: عائلة من أسرار مظلمة
في منطقة حارة الدير- كفرشيما (قضاء بعبدا)، وتحديدًا في الشارع رقم 617، تقيم عائلة آل فتى، المؤلفة من (خريستو؛ 50 عامًا)، ووالدته البالغة من العمر 90 عامًا، في منزل مليء بالأسرار والغرائب. فيوم أمس الثلاثاء، 13 آب، داهمت مخابرات الجيش هذا المنزل وعثرت على خمس جثث في إحدى غرف منزل آل الفتى.
“بيت الأموات”
جالت “المدن” في حارة الدير، وعند المدخل الرئيسي للمنزل، كانت جميع النوافذ مغلقة بالأقمشة والأسلاك الشائكة، والشوادر السوداء تحيط بكل جوانب المنزل، لمنع أي شخص من الاقتراب من المنزل أو رؤية ما يحدث في داخله، فيما تتوزع كاميرات المراقبة عند كافة الزوايا. وعند الباب الحديد، الكثير من الأحذية المقلوبة معلّقة على ألواح حديدية، وبجانبها رُفعت إطارات السيارات. وما إن تقترب قليلًا من الأبواب الخلفية، حتى تفوح الروائح الكريهة والنتنة. هناك، تنتشر الحشرات بشكل ملحوظ حيث لا يمكن لأي شخص الصمود في هذه البقعة لأكثر من دقائق معدودة، وبالقرب منها، يُغطَى كاراج العائلة بشادر أسود، وهو عبارة عن غرفة ضيقة مظلمة فيها سيارة قديمة وبعض الألواح الحديدية، والكثير من الأحجار الإسمنتية.
اعتادت هذه العائلة منذ عقود طويلة، أن تحتفظ بجثث أفراد العائلة في غرفة بداخل المنزل في الطابق السفلي، مجهزة ببعض التوابيت الخشبية العتيقة، والأقمشة والألواح الخشبية. وحسب مصادر أمنية لـ”المدن”، فإن الجثث الخمسة تعود للأب والجد، ولثلاثة إخوة من العائلة. وقد توارى خريستو عن الأنظار خلال المداهمة وهرب، لكنه عاد وسلّم نفسه لمخابرات الجيش، وخلال التحقيقات، اعترف أنه احتفظ بجثث أفراد العائلة داخل المنزل. وتبين بعد مداهمة المنزل، أن بعض الجثث تحللت منذ سنوات طويلة، وتحولت إلى عظامٍ، وتنبعث من بقايا الجثث روائح العفونة، التي قد تتسبب بأمراض خطيرة، كما لاحظت الأجهزة الأمنية وجود جثة حديثة، تعود لشقيقه إلياس (56 عامًا) الذي توفي منذ حوالى عشرة أيام.
اعتداء وسرقة
والمعروف عن هذه العائلة، أنها معزولة عن المجتمع بشكلٍ كامل، وطيلة السنوات الماضية مارس أفراد هذه العائلة أعمالاً مخالفة للقانون. فخريستو وشقيقه إلياس اعتادا سرقة سكان الحي بشكل يوميّ. وهذه “المهنة” متوارثة من الوالده والجد منذ عقود.
كما تعاني العائلة من اضطرابات نفسية، حسب إفادات سكان حي الدير. ففي ساعات الصباح يبدأ خريستو برمي الأحجار على المباني المجاورة، وبإطلاق الرصاص بشكل عشوائي. كما يمارس بعض الأمور اللاأخلاقية، كالمشي عاريًا أمام الملأ، ما دفع بسكان المنطقة إلى تقديم شكاوى لدى الأجهزة المعنية.
أما في ساعات الليل، فيخرج خريستو برفقة إلياس لسرقة الأسلاك الكهربائية وإلقاء الشتائم على سكان الحي، وينطلقا في صباح اليوم التالي لبيع هذه المسروقات في بلدة كفرشيما.
وحسب المعلومات التي حصلت عليها “المدن”، فإن الجثث لا تزال متواجدة داخل المنزل ولم يتم إخراجها بعد. وتبين أن الوالدة تعاني من مرض “الزهايمر”، وقد انتقلت للسكن في منطقة أخرى لدى أحد أقاربها.
وكان لافتًا، أنه خلال الحرب الأهلية اللبنانية، اختلف شقيقان من العائلة داخل المنزل، فأطلقا الرصاص على بعضهما البعض وقُتلا، فدفنهما خريستو داخل المنزل.
وخلال جولة “المدن”، أوضح سكان المباني المجاورة، أن آل “فتى” تقيم في هذا الحي منذ أكثر من 50 عامًا، وطقوس دفن موتاها داخل المنزل، تُمارس قديمًا وهي متوارثة لدى هذه العائلة. وفي هذا المنزل، كان يقيم أحد أقرباء العائلة الذي يملك حصة من هذا العقار، لكن والد خريستو، قام بطرده من العائلة واستولى على هذا العقار بشكل كامل.
تحقيقات وفحوص DNA
وفي حديث خاص مع رئيس بلدية كفرشيما، وسيم الراجي، أفاد لـ”المدن” أن هناك شكوى واحدة قُدمت أمام البلدية فقط، أما باقي الشكاوى فقدمت أمام الأجهزة الأمنية. وقد طُلب من البلدية اتخاذ صفة الادعاء الشخصي ورفع الشكاوى أمام القضاء. وعلى هذا الأساس تحركت الأجهزة الأمنية لمداهمة هذا المنزل. وأوضح الراجي أن سكان الحي عانوا كثيرًا مع عائلة “الفتى”، فالموقوف خريستو كان يقوم بالاعتداء على المارين بشكل مستمر، وهو حاليًا يخضع للتحقيق مع الأجهزة الأمنية”.
وحسب معلومات “المدن” فإن الأجهزة الأمنية ستباشر بإجراء فحوص الـ”DNA” على الجثث الموجودة داخل المنزل للتأكد أنها لعائلة الفتى. ولكن المستغرب أن المنزل لم يقفل بالشمع الأحمر، ولم يتخذ أي تدبير معين لمنع أي شخص من دخول المنزل عنوةً، خصوصًا في ظل تواجد جثث شبه مدفونة وبشكل عشوائي.