تختلف عن أنفاق حماس.. تقرير يرصد دولة الحزب “تحت الأرض”
أفادت صحيفة “يسرائيل هيوم” نقلاً عن خبراء في مركز “ألما” للدراسات الأمنية بأن الحزب تمكن بمساعدة إيران وكوريا الشمالية منذ 18 عامًا، من تشييد أنفاق هجومية واستراتيجية كثيفة ومعقدة بشكل يفوق بكثير أنفاق حركة حماس في قطاع غزة.
وقال تال باري، رئيس قسم الأبحاث في معهد “ألما” الإسرائيلي إنّ هناك “مئات الكيلومترات من الأنفاق تم بناؤها تحت الأرض وذلك داخل الصخور الصلبة وضمن أعماق الأرض”.
العميد الإسرائيلي المتقاعد رونين مانيليس قال إن نظام الأنفاق الخاص بـالحزب”، هو أعلى بـ 10 مستويات من نظام الأنفاق الذي واجهته إسرائيل في غزة.
وتحدّث مانيليس عن خطوة إسرائيل عام 2018 بتدمير أنفاق عائدة لـالحزب في جنوب لبنان عبر عملية حملت اسم “درع الشمال”، حيث جرى تدمير أو تحييد 6 أنفاق للحزب”، وقال: “لقد تم تدمير تلك الأنفاق التي تم الكشف عنها وذلك من خلال حقن كميات كبيرة من الخرسانة الفولاذية ضمنها، كما تم أيضًا اعتماد التفجير”.
ونقلت “يسرائيل هيوم” عن مانيليس قوله إن ما قامت به إسرائيل كان قرارًا شجاعًا، إذ تمكنت من تحييد خطر وتهديد كاد يطالها، وقال: “لا أريد أن أتخيل ماذا كان سيحدث عند الحدود الشمالية لو أنّ هذه الأنفاق نشطة اليوم”.
أنفاق عابرة للحدود
ويقول التقرير إنّه كان من المفترض أن تسمح الأنفاق الهجومية التي تمّ تدميرها عام 2018 لعناصر “قوة الرضوان” التابعة لـ”الحزب”، من اختراق الأراضي الإسرائيلية من دون أن يتم اكتشافها أثناء العبور، وذلك بهدف السيطرة على المواقع العسكرية والمستوطنات المدنية على طول الحدود، وفي الوقت نفسه إلحاق الضرر بتعزيزات الجيش الإسرائيلي التي ستأتي لمساعدة تلك المواقع والمستوطنات.
وكشفت الصحيفة الإسرائيلية في تقريرها أنّ أحد الأنفاق الذي تمّ حفره من منزل خاص، كان يعبرُ الحدود من بلدة كفركلا في جنوب لبنان إلى المطلة في إسرائيل، في حين أنه كان هناك نفق آخر يبدأ من قرية راميا اللبنانية ويصل إلى قرب مستوطنة زرعيت الإسرائيلية.
بحسب المصدر، فقد تم أيضًا حفر نفق من منطقة عيتا الشعب باتجاه موشاف شتولا، فيما تم استحداث نفق آخر بعمق 55 مترًا وضم سككًا لنقل المعدات.
واعتبرت “يسرائيل هيوم” أن 5 سنوات وهناك حرب على صعيد الأنفاق وربما قد تكون في بداياتها فقط، في حين أنّ رؤساء المستوطنات الإسرائيلية لم يتلقوا إجابات واضحة حول ما إذا كان هناك المزيد من أنفاق “الحزب” العابرة للحدود.
ويقول غابي نعمان، رئيس بلدة شلومي المحاذية للبنان، إنّ هناك معلومات وصلته من قبل عضوين في الكنيست الإسرائيليّ تفيد بوجود نفق من لبنان باتجاه شلومي.
بدوره، يروي رئيس مستوطنة المطلة دافيد أزولاي تفاصيل عن شكاوى قدمها سكان منطقته قبل الحرب مفادها أنهم كانوا يسمعون أصوات الحفر تحت الأرض خلال فترات الليل، ويضيف: “أنا لستُ مرتاحًا.. هناك قلق”.
صدفة وراء اكتشاف الشبكة
وأوردت الصحيفة أنه في صيف 2008، كانت مجموعة من السكان المسيحيين من منطقة جزين تتجه بالسيارة نحو المصيف الماروني الشهير، عندما اضطرت فجأة إلى التوقف بعد إطلاق النار عليها على حاجز للحزب.
ووفق تقرير الصحيفة، فقد رأت المجموعة المعتقلة جرافات ومعدات حفر رفقة استشاريين من دول شرق آسيا تقوم بحفر شبكة أنفاق في محيط منازلهم. وتبين فيما بعد أن هؤلاء الأشخاص كانوا استشاريين محترفين في حفر الأنفاق من كوريا الشمالية.
وقبل أسبوعين، طلب سكان منطقة جزين من الحزب عدم التورط ومنعهم من ممارسة نشاطهم هناك، وقالت الصحيفة إنهم كانوا قلقين من أن تصبح القرية خلال حرب محتملة هدفًا للضربات الإسرائيلية بسبب استخدام الحزب لها. وعندما لم يتم الرد على مناشداتهم، قرر سكان جزين اتخاذ إجراء وقاموا بتحميل خريطة على شبكة الإنترنت تحتوي على 36 منطقة جغرافية تشير بالدوائر إلى مركز انتشار الحزب هناك، كجزء من إعداده الدفاعي ضد مناورة برية محتملة للجيش الإسرائيلي.
وبحسب “إسرائيل هيوم” لم يلاحظ سوى عدد قليل من الأشخاص هذه الخريطة الغامضة التي تم تحميلها على الإنترنت منذ حوالي 15 عامًا. وكانت تشمل كامل المنطقة الواقعة بين صيدا غربًا، وبحيرة القرعون شرقًا، ومرج عيون والنبطية جنوبًا. ولكن بعد مرور عقد كامل، لاحظت ذلك مجموعة من العسكريين السابقين في جيش الدفاع الإسرائيلي.
أنفاق هجومية
بعد عملية “درع الشمال”، عام 2018، قال الأمين العام لـالحزب حسن نصرالله إن هناك أنفاقاً إضافية لم يكتشفها الجيش الإسرائيلي وذلك رغم إعلانه عن انتهاء العملية آنذاك.
إثر ذلك، أقرّ وزير الدفاع الإسرائيلي السابق موشيه يعالون بعد انتهاء العملية أنه جرى اكتشاف الأنفاق التي تم الحديث عنها من قبل الحزب، كما أنه نفى منذ سنوات وجود أنفاق عابرة للحدود وذلك بهدف إرباك “الحزب” وخلق انطباع بأنّ إسرائيل ليست على علمٍ بما يحدث.
ويلفت تقرير “يسرائيل هيوم” إلى أنه بالإضافة إلى الأنفاق الهجومية، قام الحزب ببناء مجموعة واسعة من الأنفاق الإستراتيجية الإقليمية في لبنان، يبلغ طولها عشرات ومئات الكيلومترات، والتي تمتد وتربط المقر الرئيسي التابعة للحزب في بيروت بمنطقة البقاع، على أن تتصل تلك الأنفاق لاحقًا بمنطقة جنوب لبنان.
وأضاف التقرير أن نظام أنفاق الحزب يربط أيضاً مناطق تجمّع الحزب ببعضها البعض في جنوب لبنان، مشيراً إلى أن مستشارين كوريين شماليين ساعدوا المشروع بشكل مباشر.
تنفيذ كوري شمالي وأشراف إيراني
الباحث الإسرائيلي تال باري قال إن “الحزب” قام بأعمال تحصين في تلك المناطق الجغرافية، مستخدماً كميات كبيرة جداً من مواد البناء، وقد نفذت الأعمال شركة كورية شمالية اسمها Korea Mining Development Trading Corporation، بإشراف شركة إيرانية.
وبحسب باري، فقد جرى تنفيذ البناء الفعلي من قبل “جمعية جهاد البناء التابعة للحزب”، وهي في الواقع فرع من منظمة جهاد البناء الإيرانية والتي تأسست عام 1988، بحسب “إسرائيل هيوم”.
وأضاف “أنفاق الحزب الاستراتيجية تحتوي على غرف قيادة وسيطرة تحت الأرض، ومستودعات ذخيرة وإمدادات، وعيادات ميدانية، وآبار مخصصة لإطلاق الصواريخ بكافة أنواعها (صواريخ، صواريخ أرض أرض، صواريخ مضادة للدبابات، مضادة للطائرات)”.
وهذه الآبار، بحسب خبراء معهد “ألما” الإسرائيلي، مخفية ومموهة، ولا يمكن رؤيتها فوق الأرض، كما أنها تفتح لفترة قصيرة لغرض إطلاق النار على أن تُغلق بعد ذلك مباشرة لغرض تحميل القاذف الهيدروليكي بسلاح جديد.
ويصب جهاز المخابرات الإسرائيلي تركيزه الرئيسي على توثيق وبحث التهديدات التي تواجه إسرائيل عبر حدودها الشمالية. وهكذا أصبحت تلك الخريطة أساسًا لدراسة شاملة لأرض الأنفاق الإرهابية اللبنانية، وهو طريق طويل للغاية ومتعرج تحت الأرض أنشأه الحزب في أرض الأرز، وخاصة في جنوب لبنان، بحسب الصحيفة الإسرائيلية.