رفيقي “شيف فؤاد”
كتب النائب السابق أنطوان زهرا في موقع القوات اللبنانية
التقينا في القوات اللبنانية منذ نشأتها، وكنتَ سبّاقاً في هذه المسيرة العظيمة. أستغرب جداً أن تتناولها اليوم كمحلّل حيادي لا كقائد سابق لها، فتتبنّى بعض الحقائق المشوهة والمغالطات.
تعرف يا دكتور أن ما أوردته من أن الدكتور سمير جعجع والرئيس ميشال عون كانا يقاتلان بعضهما البعض، هو توصيف خاطئ لأحداث تاريخيّة موثقةّ، فالقوات لم تترك شيئاً لتجنب الصدام مع عون إلا وفعلته. فخلال ما سمّاه عون “حرب التحرير” كان الحكيم يحرص على المسارعة إلى تلبية طلبات غرفة العمليات في الجيش وتعليماته للقوات كانت واضحة بهذا الخصوص، وهو فعل كل شيء ممكن لتجنب الصدام، بينما عون لم يترك فعلاً إلا وفعله دفعاً نحو الصدام الكبير.
أما قولك إن جعجع وعون كانا متخاصمين وخسّرونا الحرب سنة 1990، فهو قول مجافٍ للحقيقة والمنطق ويشوّه الوقائع. أولاً، لأن ما اعتبرته خسارة حصل قبل ذلك بعام. وثانياً، لأنك تساوي بين من التزم مسيرة المقاومة اللبنانية وقاتل في سبيلها، وبين من دمّر البلاد على أهلها فقط من أجل الإمساك بالسلطة. فهل يجوز القول على سبيل المثال، إن الانهيار الاقتصادي في لبنان هو نتيجة توقف حركة الملاحة في البحر الأحمر بسبب المواجهة بين التحالف الدولي والحوثيين؟
هل نسيت يا د . فؤاد أن القوات لم تسعَ يوماً لمواجهة مع الجيش فلا عقيدتها ولا سياستها قامت على ذلك، في حين أن عون قد سعى لإلغاء كل الآخرين؟. لذلك يؤسفني جداً أن تقع في هكذا مغالطة وأنت من المتابعين العارفين.
أما بخصوص اتفاق معراب، فالقوات التزمت بالجانب المتعلق بها عبر تصويت نوابها لعون، وأنا شخصياً كنت منهم، وأسهمت بإيصاله لسدّة الرئاسة، فكيف يكون اتفاقاً مبنيّاً على التكاذب بين الاثنين؟ أما عون فلم يلتزم بجانبه من الاتفاق، فلا هو التزم ببند استعادة القرار إلى الدولة والابتعاد عن “الحزب” ورفض الالتزام بمشروع بناء الدولة، ولم يتعاون مع القوات في كيفية إدارة المؤسسات بما يخدم المسارين الإصلاحي والسياسي.
أما في الخلاصات وفي قولك إن على المسيحيين تخطّي هذين الاثنين “أي الحكيم وعون”، فهو في غير محله، لأن المسيحيين أثبتوا دائماً أنهم أحرار في توجهاتهم، واعون في خياراتهم، وهم يحددونها استناداً إلى ذاكرتهم الحية والتجارب التي مرّت عليهم فتمكنوا من معاينة الحقائق وعيشها، ونتيجة للوعي والتجربة والخبرة تخطوا في آخر استحقاق ديمقراطي من اكتشفوا أنه “خديعة العصر”، أي عون، واختاروا من التزم بالخط التاريخيّ لمسيرتهم النضالية والوجودية، أي الحكيم. لقد اختار المسيحيون يا رفيقي نهجهم التاريخي، ويبقى على المترددين أن يحسموا خيارهم.
أخيراً يا د. فؤاد
أن ترمي الدكتور جعجع بتهمة الارتباط بالمصالح الشخصية والفردية، فهذا شطط يداني حدَّ التجنّي، وهو ليس من شيمكم. فمن قاوم وناضل واعتقل ومارس نكران الذات لأجل الحرية والحقيقه والإرث المقاوم، حرام أن يوضع في مركب واحد مع من نكث وهرب وتخلّى وانقلب.
هذا ما رأيت لفت عنايتكم إليه، والسلام.