سقوط رموز سوريا… “نعم أخطأنا”!
لا يزال صدى التقارير والتحليلات التي صدرت حول أسباب سقوط المرشحين المحسوبين على النظام السوري تباعا مع صدور نتائج الإنتخابات مسموعًا في عدد من الدوائر على رغم مرور أسبوع على صدورها. وإن تعددت الأسباب إلا أن النتيجة تبقى واحدة وثابتة… سقطوا!
صفعة قد لا يصحو منها المحسوبون على النظام وقواعده الشعبية قبل أربعة أعوام وما أدراكم بالطبخات السياسية التي تحضّر في المطابخ الإقليمية والدولية وما سينتج عنها من تحولات في الداخل اللبناني وتحديدا في نتاج العمل التشريعي مع غياب كتلة تدور عجلاتها على محرك النظام السوري.
الأمين العام لحزب البعث العربي الإشتراكي علي حجازي يفنّد لـ”المركزية” أسباب سقوط رؤوس النظام السوري في لبنان في معركة انتخابات 2022 ولا ينفي أن “هناك تضخيما في قراءة النتائج التي تؤكد أرقامها أن الخسارة لا ترتكز على خطة ممنهجة إنما بسبب طبيعة القانون كما حصل مع المرشح وئام وهاب حيث فاز بالأصوات وسقط بالحاصل إضافة إلى مسعى رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط لإسقاطه. في حين حافظ على مستوى أصوات الشيعة والسنّة”. ولعل هذا ما يفسّر تغريدة وهاب اليوم على حسابه عبر تويتر حيث كتب:” لقد تمكنت من تخسير وليد جنبلاط نعمة طعمة، هو الذي دفع مالًا كثيرًا وسأحطّم أي مشروعٍ على رأسه”.
رد فعل طبيعي لسقوط رأس زعيم في قلب بيئته لكن ماذا عن باقي المرشحين، وتحديدا المرشح طلال إرسلان التي انتزعت أصوات المقترعين زعامته من قلب الجبل؟ “أيضا السبب يعود إلى طبيعة القانون وصناديق دول الإنتشار في دائرة الشوف – عاليه التي اقترعت لصالح مرشحي المجتمع المدني. ففاز كل من مارك ضو عن المقعد الدرزي مكان ارسلان وحليمة قعقور عن احد المقاعد السنية ونجاة صليبا عن احد المقاعد المارونية”.
في طرابلس أيضا، تعود خسارة فيصل كرامي وفق قراءة حجازي إلى طبيعة القانون، كذلك في البقاع الغربي راشيا حيث خسر نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي مقعده النيابي ومكانته الشعبية لصالح لائحة المجتمع المدني “سهلنا والجبل” بأصوات صناديق الإغتراب. أما في الجنوب الثالثة فقد مرشح الحزب السوري القومي الإجتماعي أسعد حردان مقعده التاريخي الذي يشعله منذ العام 1992 وكذلك صفته “الزعاماتية” في المنطقة بسبب أصوات المغتربين التي اقترعت لمرشحي ثورة 17 تشرين الأول”.
أصوات المغتربين شكلت صفعة لمرشحين محسوبين على النظام السوري. لكن هذا لا يعني أبداً أن هذه “السقطة المدوية” لا تحتاج إلى إعادة قراءة. وفي هذا السياق يقول حجازي” النتائج المفاجئة تحتاج إلى مراجعة ومقاربة وإعادة قراءة في الأرقام. وإلا كيف نفسر هذه النتائج على رغم وجود عدد كبير من اللبنانيين المؤيدين لخطنا السياسي في دول الإغتراب؟. لكن الخوف والريبة من النتائج التي ستلحق بالمقترع الذي سيصوت لصالح مرشح موال في خطه السياسي للنظام السوري من أن يخسر وظيفته كانا وراء انكفاء هذه الأصوات واقتراعها لصالح مرشح لا يمثلها؟”.
يضيف حجازي:” هذه الإشكالية تحتاج إلى مراجعة وكذلك قانون الإنتخابات لأنه ظالم وطائفي ولا يحفظ صحة التمثيل ولا ينتج إلا دكاكين. وعلى القوى الحزبية مراجعة خطابها السياسي وإنتاج وجوه جديدة تتماشى مع تطلعات المرحلة وثورة تشرين، تُحسن مخاطبة الرأي العام وتحديداً فئة الشباب بحيث تواكب ممارسة العمل السياسي “.
وإلى المراجعة الذاتية يلفت حجازي إلى حجم المال الذي أنفقته أحزاب المعارضة على المعركة الإنتخابية والحرب الإعلامية التي غيبت وجوه المرشحين المحسوبين عن الإعلام و”كان هناك عدم تكافؤ في موازين القوى باسثناء الحزب وحركة أمل الذين يملكون القدرات المالية والقدرة على تجييش الرأي العام تحت عنوان المقاومة “.
الإقرار بالخطأ فضيلة خصوصا إذا جاء على لسان أبناء بيئته، وأن يأتي متأخرا أفضل من أن لا يأتي، فكيف إذا كان الإعتراف بأنه كان هناك سوء تقدير مسبق لنتائج تصويت المغتربين في أن يأتي لصالح فريق النظام لكن العودة إلى قانون 2018 لجهة التصويت على أساس 128 نائبا وليس الدائرة16 ؟ إعتراف قلب المعادلة وأسقط كل الحسابات . لكن ثمة اعتبارات سياسية أكبر تؤشر لهوامش أوسع. فالمشهد الإقليمي بعد زيارة الأسد إيران والتحولات الطارئة على مستوى العلاقات بين السعودية وإيران وسواها من التطورات توحي وكأن هناك كلمة سر تم تمريرها من خلال الإنتخابات لإسقاط رؤوس النظام السوري. “الهدف من هذا الكلام إحداث شرخ بين بشار الأسد وحلفائه. لكن ليست سوريا من تساوم على ملفاتها ولا يقبل بشار بإخراج حلفائه من المجلس النيابي والدليل أن هناك مرشحين محسوبين على النظام فازوا في الإنتخابات منهم محمد يحيي وحسن مراد”.
“نعم ارتكبنا أخطاء سياسية وخسرنا في الدوائر التي خيضت فيها المعركة الإنتخابية طائفيا. وما زاد من حجم الخسائر، الخلافات الداخلية داخل بعض الأحزاب ومنها الحزب القومي السوري الإجتماعي والتيار الوطني الحر وكان يفترض تأجيلها إلى ما بعد 16 أيار بدل من أن نبكي على الأطلال و…نندم. لكن أقولها منذ اليوم إنتخابات 2026 ستغير المشهد حيث سنسجل آلاف اللبنانيين المقيمين في سوريا في السفارة اللبنانية وسيقترعون من داخل أقلام الإقتراع في سوريا. هذا حق لهم تماما كما اللبناني المقيم في الدول العربية والخليج واوروبا وكندا… فاستعدوا”، يختم حجازي.