فرنجية يتسوّل الرئاسة في باريس و”سمسار الإليزيه”: صعبة يا بَيْك
ما تبلغه رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية امس أثناء زيارة تسوّل الرئاسة من المسؤول عن الملف اللبناني في الإليزيه باتريك دوريل من معطيات تتصل بالاستحقاق الرئاسي، أكد ان توجس زعيم “المردة” الذي كان يراوده في لبنان قبل وصوله الى باريس ما زال موجوداً، ألا وهو ان حظوظه في بلوغ قصر بعبدا ليست مضمونة كما كانت الحال عام 2016 عندما سبقه الى هناك زميله في فريق الممانعة مرشح “الحزب” الجنرال ميشال عون.
وبدا ان رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي عاد امس الى بيروت والوفد المرافق الذي ضم النائبين مروان حمادة ووائل أبو فاعور آتياً من العاصمة الفرنسية في زيارة تشاورية أيضاً مع دوريل، ميّال الى ان رياح الرئاسة الاولى لا تجري كما تشتهي سفن الزعيم الزغرتاوي. وبالاضافة الى موقف جنبلاط عشية زيارته الباريسية الداعي الى “صيغة توافقية” لا يكون من ضمنها فرنجية، فقد قالت مصادر “التقدمي” انه “قد يكون صحيحاً استنتاج فرنسا عدم قدرة وصول فرنجية إلى بعبدا نتيجة المعارضة الواسعة التي يواجهها”.
من المعلومات التي رشحت عن المحادثات مع فرنجية انه تبلّغ ان “صفقة المقايضة” التي وضعت وصول فرنجية الى قصر بعبدا في سلة واحدة مع وصول القاضي نواف سلام الى السراي الحكومي سقطت عند سائر اطراف اللقاء الخماسي الذي استضافته فرنسا في السادس من آذار الماضي والذي ضم ممثلين عن الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية ومصر وقطر إضافة الى فرنسا. وكما علمت “نداء الوطن” فإن دوريل لم يكتم ان شركاء بلاده في اللقاء الخماسي لا يجدون ان فرنجية قادر على تقديم ضمانات كافية كي يقنعهم بقدرته على التزام إتفاق الطائف. علماً ان باريس ما زالت غير جازمة بانعدام حظوظ فرنجية الرئاسية. وقد حاول دوريل تسويق دعم فرنجية لدى جنبلاط الذي لم يكن متجاوباً.
وفي السياق نفسه، ووفق المعلومات، تصرّ الرياض على رفضها التام للعودة الى اتفاق الدوحة عام 2008 والذي ثبّت نظرية “الثلث المعطّل” التي نالها “الحزب” في غزو ميليشياته لبيروت في 7 أيار من العام نفسه. ولا يبدو ان فرنجية بحسب المعلومات، قادر على الوقوف بوجه الحزب ليتجاوز ذلك الاتفاق الذي حكم الحزب وحلفاءه منذ 15 عاماً في عمل الحكومات بدءاً من حكومة الرئيس سعد الحريري التي أطاح بها “الحزب” وحلفاؤه في بداية عام 2010،عندما دخل الى البيت الابيض في عهد الرئيس باراك اوباما رئيسا للحكومة وخرج منه رئيساً سابقاً.
كذلك علم ان المحادثات الباريسية شملت سابقاً شخصيات وردت اسماؤها ولا تزال على لائحة الترشيحات، من بينها الوزيران السابقان زياد بارود وجهاد ازعور حيث تولى الوسيط الفرنسي الوقوف على آرائهما في ما يتعلق بجملة عناوين في مقدمها اتفاق الطائف والسياسة الدفاعية وسلاح “الحزب.”
الى أين ستفضي الحركة الناشطة حالياً في باريس من اجل مواكبة ملف الاستحقاق الرئاسي؟
يشير مواكبون للملف الى ان باريس وضعت نفسها في موقع الوسيط إنطلاقا من اعتبارات يضعها البعض ضمن الاطر التاريخية من منطلق “الأم الحنون”، لكن في المقابل هناك الكثير من الشواهد والامثلة على رغبة فرنسا في الامساك بالعصا من الوسط، أي المواءمة بين تدوير الزوايا في علاقات تنشدها المصالح الفرنسية مع إيران في الاقليم ومع “الحزب” في لبنان، وبين الحفاظ على علاقاتها مع دول الخليج العربي وعلى رأسها المملكة العربية السعودية. وقد جاء الاتصال الهاتفي الاخير بين الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وبين ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان في إطار الحفاظ على دور باريس الوسيط بعد الانتقادات التي سيقت ضد هذا الوسيط وإفراطه في الجنوح الى ممالقة الجانب الايراني وتالياً “الحزب.” وتحدثت اوساط اعلامية في الخليج ان الرئيس ماكرون كان غير مرتاح لموقف ممثل المملكة في اللقاء الخماسي مستشار الديوان الملكي السعودي نزار العلولا لأن الاخير رفض طروحات الجانب الفرنسي في الاستحقاق الرئاسي ما ادى الى لجوء دوائر الاليزيه الى الرياض بما يشبه الشكوى، غير ان الرياض حسمت الموقف فابلغت باريس، ان موقف ممثلها في الخماسية هو موقف المملكة ولا داعي للسؤال اكثر عن هذا الموقف.
إذا، في خلاصة المحادثات الباريسية، ووفقاً للمعلومات، فإن دوريل حاول بديبلوماسية ابلاغ مرشح الثنائي الشيعي ان بلاده على رغم استمرار مسعاها لتأييد وصول فرنجية الى قصر بعبدا، الا ان دون ذلك صعوبات. والمعنى في ذلك، ان باريس تكاد تتملص من محاولة السمسرة كي يصل فرنجية الى ما يريده الثنائي الشيعي ولكي يصل الاليزيه الى توظيف الملف اللبناني في حساباته الاقليمية ظناً منه ان التفويض الاميركي له هو شيك على بياض وهو ليس كذلك.