لم يهزمنا إلا الحق!
وما الموت لأجل إنزال الصّليب كالموت لأجل رفعه، الأولى ظلم، واعتداء، وقتل للسّماء والثّانية انبعاث حياة وقيامة رسالة، لا يمل حملتها من الموت والقيامة.
لا زالت وقاحة الغاصب والمعتدي تحاول تشويه الحقيقة، وتزوير التّاريخ، وفي كلّ محاولة يستحضرون تلك البضاعة التي لم تعد رائجة.
كنّا يا حكيم؛ إذا قالوا فلسطين نتحوّل إلى ثيران هائجة، نحطّم كلّ ما يعترضنا، لا لننتصر عليكم، بل لنفرغ غضبنا الجاهل الموجّه.
كنّا نحطّم أشياءنا وأملاكنا انتقامًا من عجزنا في الوصول إلى مجهول، فقد كنّا نسير بلا قضيّة وكما يحصل في كل ردّة فعل على خبر إحراق المصحف الشّريف في السّويد أو الدّانمارك.
لقد أثبتت لنا الأيّام، أنّنا لم نكن نريد إسقاط الصّليب، بل كنّا نريد فقط أن نخفّف فينا حجم السّقوط والتّهاوي الأخلاقي الّذي أصابنا في الطّريق إلى فلسطين.
حطّمنا صلبانًا، وتعدّينا على كنائس، ومقابر، ومشافي، ومدارس، وجامعات، وأسر، وانهزمنا، انهزمنا لأنّنا ما تعدّينا على غير الحق، والأبرياء.
لم تنتصروا بقوّتكم يا حكيم، بل انتصرتم بظلمنا لكم، وبغينا عليكم، وجهلنا، وظلمنا لأنفسنا، وبغينا عليها.
فهل يتعلّم ربعي يا حكيم؟!
لست أدري!
يا حكيم لشدّة إفلاسنا، وفي كلّ القضايا؛ ما عدنا نجد سواك لإطالة هذه الحرب، فما عادت لنا قضيّة، وما عادت تنفع خطاباتنا إن خلت من اسمك والهجوم عليك، والتّخويف بك.
يا حكيم كما قلت في بداية ما كتبت ليس رفع الصّليب كإنزاله، ترفعون صليبكم إيمانًا بالإنسان، وإحيائه، وبعثه، وقيامته؛ تاركين لنا انهياراتنا الدّاخلية والنّفسيّة والعمليّة الّتي نستثمرها بسبّكم، وشتمكم، وتوجيه الأصابع لكم.
أحبّك سمير جعجع.
أحبّك مقاتلًا، ومسالمًا، سياسيًّا، بناءً؛ يحمل صليبه بإيمان يليق بالرّجال.
أحبّك كما أنت وبما كنت عليه، وكيفما ستكون، ليس لأنّي أقدس قائدي بشكل أعمى، بلّ لأنّي خبرت وفي الطّريق إلى معراب كلّ العمى الّذي كاد يحرمني الوصول.
ملاحظة: هذه المقالة على أثر لقاء صحفي مع سمير جعجع.