معركة “صامتة” بين “المردة” و”الوطني الحر”
يمكن الحديث عن معركة انتخابية «صامتة» يخوضها «التيار الوطني الحر» وتيار «المردة» المتخاصمان بقوة منذ عام 2015 على خلفية معركة رئاسة الجمهورية بين رئيسيهما حينها، العماد ميشال عون والنائب والوزير السابق سليمان فرنجية. فالمصالحة التي أنجزها «الحزب» بين حليفيه في نيسان الماضي من خلال دعوة وجهها لهما أمين عام الحزب حسن نصر الله على مأدبة إفطار، فعلت فعلها انتخابيا وبالتحديد لجهة تراجع التصعيد بينهما إلى حدوده الدنيا، وتركيز كل منهما حملاته الانتخابية بوجه فرقاء آخرين، وبخاصة «القوات اللبنانية».
وتتركز المعركة الانتخابية المباشرة بين «الوطني الحر» و«المردة» في دائرة «الشمال الثالثة» التي تضم أقضية البترون، الكورة، زغرتا وبشري، حيث تتخذ المواجهة طابع مواجهة «رئاسية» باعتبار أن أكثر من مرشح رئاسي يخوض المعركة هناك، وأبرزهم إلى جانب باسيل وفرنجية، رئيس حزب «القوات» سمير جعجع، وإن كان ليس من خلال ترشحه مباشرة للانتخابات النيابية.
وشن النائب طوني فرنجية، نجل رئيس “المردة” أخيراً هجوما عنيفا على «القوات اللبنانية» متهما جعجع بـ«ركوب موجة العهد وبعدها موجة الثورة» بهدف تحقيق مصالح شخصية وحزبية، علما بأن الحزبين كانا أنجزا مصالحة تاريخية في العام 2018، وبدا لافتا تراجع حدة الخطاب التصعيدي بين «الوطني الحر» و«المردة» وهو ما ردته مصادر الفريقين إلى أجواء التهدئة التي أرستها المصالحة التي رعاها «الحزب». وأقر النائب فرنجية برغبتهم بسقوط باسيل في الانتخابات المقبلة، وأضاف «لكننا واقعيون لأن الأرقام تظهر صعوبة ذلك».
وتشير مصادر مطلعة على موقف «المردة» إلى أن «ما حصل بعد اللقاء الذي جمع فرنجية وباسيل هو الانتقال من مرحلة الجفاء والخصومة إلى مرحلة المصالحة التي تقف حدودها حاليا عند كسر الجليد»، موضحة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن التنافس الانتخابي موجود وقائم مع «الوطني الحر» كما «القوات» وغيرهما، «ونحن نسعى لتحقيق نتائج جيدة في الانتخابات ونحاول التقدم باتجاه حاصل رابع في دائرة الشمال الثالثة». وتعتبر المصادر أن «لا ضرورة ليكون الخطاب متوترا وتعتمد الحملات الانتخابية التصعيد كي تنجح، فنحن بنهاية المطاف متمسكون بموقفنا السياسي ولا نحيد عنه»، لافتة ردا على سؤال إلى أنه «لا يمكن التكهن من الآن بما قد يجري بعد الانتخابات».
من جهتها، تبدو مصادر «الوطني الحر» متحمسة أكثر لإحياء التفاهم السياسي مع «المردة» بعد الانتخابات، مؤكدة أن «لا شيء يمنع ذلك على الإطلاق باعتبار أننا طالما كنا مقربين في السياسة ولا مجال لمقارنة علاقتنا مع (المردة) بعلاقتهم مع (القوات)». وتضيف المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «منذ اللحظة الأولى كان الوزير باسيل جاهزا للقاء فرنجية وإعادة المياه إلى مجاريها، وما حصل قبل نحو شهر كان يفترض أن يحصل سابقا ونحن كنا مستعدين للمصالحة في أي لحظة».
ويبدو البناء على المصالحة بين الطرفين لتطوير العلاقة باتجاه عودة التفاهم السياسي صعبا أقله في الأشهر المقبلة مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية وعدم حماسة باسيل أو فرنجية لأن يقوم أحدهما بالتنازل للآخر بالملف الرئاسي.
وينفي الفريقان أن يكون «الحزب» قد فاتحهما بالملف الرئاسي وبالمرشح الذي سيتبنى ترشيحه، وتقول مصادر مطلعة على جو الحزب إن «الأمر سيحسم خلال الأشهر القليلة المقبلة»، مضيفة لـ«الشرق الأوسط»: «ما هو محسوم أنه لن يتم تكرار تجربة الانتخابات الرئاسية الماضية لجهة السير بفراغ طويل الأمد في سدة الرئاسة لأن البلد بوضعه الحالي لا يحتمل مزيدا من الفراغ في مواقع المسؤولية».
ويوصَف فرنجية وباسيل بأنهما «حليفان لدودان» لـ«الحزب»، وهما مرشحان متنافسان على رئاسة الجمهورية ويتحدران من منطقتين قريبتين من شمال لبنان، وتجمع بينهما تباينات عميقة حالت دون تحالفهما انتخابياً في انتخابات عام 2018 كما في الانتخابات النيابية المزمع إجراؤها يوم الأحد المقبل في 15 أيار.