
موسكو تتعثّر في شرق أوكرانيا: دونباس ليست نزهة!
بعد فشلها باحتلال كييف وإخضاع أوكرانيا عسكريّاً عبر “حرب خاطفة”، يبدو أن موسكو تتعثّر أيضاً في حملتها العسكريّة في شرق البلاد، حيث تتركّز المجموعات الأوكرانية الأكثر خبرة واحترافية في القتال بسبب النزاع الطويل مع الإنفصاليين الموالين لروسيا هناك، فيما رأى مراقبون أن منطقة دونباس لن تكون نزهة للجيش الروسي الذي سيتكبّد خسائر فادحة للسيطرة عليها، خصوصاً أن المقاومة الأوكرانية مهيّأة لمثل هذه الحرب منذ سنوات، إذ كشف مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية أمس أن الهجوم الروسي في دونباس تأخّر ويتقدّم ببطء وبطريقة غير منتظمة بسبب هذه المقاومة.
وإذ قال المسؤول الأميركي الذي طلب عدم الكشف عن هويّته لصحافيين: “نعتقد أنهم تأخّروا عدّة أيّام عَمّا كانوا يأملون في تحقيقه في دونباس”، أضاف: “هم بعيدون من الإلتقاء بالجيوش التي دخلت من منطقة خاركوف وبالجيوش الآتية من جنوب البلاد”، وهو أحد أهداف الجيش الروسي لمحاصرة القوات الأوكرانية المنتشرة على الجبهة حول منطقتَيْ دونيتسك ولوغانسك. كما اعتبر أنه حتّى لو بدأ القتال، “نعتقد أن (الروس) يواصلون تهيئة الظروف لهجوم مستدام وأكبر وأطول”.
وفي الغضون، أكدت موسكو تنفيذها ضربة جوّية على كييف خلال زيارة للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ما أدّى إلى مقتل الصحافية فيرا غيريتش اثر سقوط صاروخ روسي على المنزل الذي تعيش فيه. لكنّ وزارة الدفاع الروسية تحدّثت عن نشرها أسلحة “جوّية بعيدة المدى وعالية الدقة” دمّرت “مباني الإنتاج التابعة لشركة “أرتيوم” للصواريخ والفضاء في كييف”، بينما دانت فرنسا وألمانيا هذه الضربات الروسية.
ومع دخول الحرب الروسية على أوكرانيا أسبوعها العاشر، كشفت قيادة القوات الجوّية الأوكرانية تلقيها منظومة دفاع جوّي من طراز “أس 300” من إحدى الدول الصديقة، من دون الكشف عنها، مشيرةً إلى أن المنظومة عزّزت بشكل كبير دفاعاتها الجوّية في المنطقة الجنوبية، في حين كشفت موسكو أنها استخدمت غوّاصة تعمل بالديزل في البحر الأسود لضرب أهداف عسكرية أوكرانية بصواريخ “كروز” من طراز “كاليبر”، وهي المرّة الأولى التي يُعلن فيها الجيش الروسي استخدام أسطوله من الغواصات في عمليات القصف.
توازياً، ذكر حرس الحدود الأوكراني أن الوضع على الحدود مع مولدوفا في إقليم ترانسنيستريا لا يزال متوتراً، محذّراً من أن موسكو قد تستخدم الحدود مع مولدوفا للتصعيد، فيما أبدى وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان ونظيرته الألمانية أنالينا بيربوك عزمهما على دعم مولدوفا في مواجهة “مخاطر زعزعة الإستقرار”.
وفي الأثناء، حضّ البنتاغون الأميركيين على عدم التوجّه إلى أوكرانيا للمشاركة في الحرب، وذلك بعد أن لقي الشاب الأميركي ويلي جوزف كانسل (22 عاماً) حتفه الإثنين أثناء قتاله ضدّ القوات الروسية، بحسب أفراد من عائلته. وعلى صعيد متّصل، أكدت الخارجية البريطانية مقتل مواطن بريطاني في أوكرانيا وفقدان آخر، فيما ذكرت وسائل إعلام بريطانية أن الرجلَيْن كانا يُقاتلان إلى جانب الجيش الأوكراني. بالتزامن، أسرت القوات الروسية متطوّعَيْن إنسانيَّيْن بريطانيَّيْن يعملان في أوكرانيا للاشتباه في أنهما “جاسوسان”، كما أكدت منظمة “بريزيديوم نتوورك” غير الربحية وعائلة أحدهما.
وعلى الجبهة الشرقية لدول الناتو، سيُشارك حوالى 8000 عسكري بريطاني في تدريبات في أوروبا الشرقية هذا الصيف إلى جانب نظراء لهم من “حلف شمال الأطلسي”، “لإظهار تضامن وقوة” مع استمرار غزو أوكرانيا. وستُنشر عشرات الدبابات و120 عربة قتال مدرّعة من فنلندا إلى مقدونيا الشمالية، في إطار مشروع مخطّط له منذ فترة طويلة وعُزّز بعد بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في شباط.
ديبلوماسيّاً، رأت واشنطن أن العالم لا يُمكنه التعامل مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كالمعتاد بعد أن وجّهت إليه إندونيسيا دعوة لحضور قمة “مجموعة العشرين” في تشرين الثاني، فضلاً عن توجيهها الدعوة إلى نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينكسي. وقالت مساعدة المتحدّث باسم وزارة الخارجية جالينا بورتر للصحافيين: “لا تزال الولايات المتحدة تعتقد أنه لا يُمكن أن تسير الأمور وكأن شيئاً لم يكن في ما يتعلّق بمشاركة روسيا في المجتمع الدولي أو في المؤسّسات الدولية”.